ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الجمعة، 15 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (3)



     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.      
     الحلقة الثالثة هي حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري.
     بعد أن أبدى حزبُ الله وبعض حلفائه في الداخل اللبناني التشكيك في مصداقية هذه المحكمة والتخوف من أن تكون أداة تجسس إسرائيلية وصولاً إلى التعبير صراحة عن رفض التعاون معها؛ شكَّل هذا الموقفُ حجةً جديدة عند فريق 14 آذار لاتهام هذا الفريق باغتيال الحريري وباقي الجرائم التي تم ربطها بهذا الاغتيال، من منطلق أن هذه المحكمة تضم أفضل المحققين والقضاة في العالم والأكثر نزاهة وأن التشكيك بمصداقيتها ورفض التعاون معها ما هو إلا دليل جديد على تورط هذا الفريق بهذه الجرائم.
     الرد على هذا الأمر لا يكون بالتشكيك بمصداقية هذه المحكمة انطلاقاً من خضوعها للمطالب الإسرائيلية بل بالتشكيك بها انطلاقاً من خضوعها لمطالب الولايات المتحدة، كونها جزءًا من النظام العالمي الذي تتزعمه هذه الدولة؛ وفي نفس الوقت، من خلال وصف التعبير عن الثقة بهذه المحكمة على أنه إما انجرار وراء السياسة هذه الدولة وترداد أكاذيبها وإما سذاجة وتصديق لادعاءاتها بجلب الحرية والديمقراطية إلى المنطقة. أي يكون الرد كما يلي:
- أية محكمة في أي مكان أو زمان، ولكي تستطيع أن تقوم بعملها، هي بحاجة إلى القوة العسكرية أو السياسية التي تؤمِّن حمايتها من ضغوطات المتقاضِين، أو أية أطراف لها مصالح في القضايا التي تنظر فيها.
- حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ليس هناك من طرف محايد في العالم ليؤمِّن القوة العسكرية أو السياسية التي تستطيع حمايتها من ضغوطات المتقاضِين أو أية أطراف أخرى عندها استفادة من اغتيال الحريري؛ وبما أن الولايات المتحدة هي المستفيد الأول من اغتيال الحريري ومن باقي الجرائم التي طالت قيادات من 14 آذار ومن التفجيرات التي تمت في مناطقهم السكنية (كما رأينا في الحلقات السابقة)، وبما أن عندها استفادة قصوى وضرورية في أن تُدِين هذه المحكمةُ نظام إميل لحود أو نظام بشار الأسد أو حزب الله أو ثلاثتهم معاً في اغتيال الحريري وباقي هذه الجرائم، حتى ولو كانت بريئة تماماً من هذا الاغتيال وهذه الجرائم، تصبح هذه المحكمة تحت تأثير ضغوطات المسؤولين الأمريكيين لتزوِّر النتائج بما يؤدي إلى إدانة هذه الأطراف، أي تصبح من دون أية مصداقية.       
- مثلاً، إذا افترضنا أن مسؤولين كبار عند حزب الله أو سوريا أو إيران حاولوا ممارسة ضغوطات على أحد القضاة أو المحققين في المحكمة الخاصة بلبنان والذي ينتمي إلى الجنسية الفرنسية أو الألمانية أو الكندية أو غيرها من الدول الغربية الحليفة للولايات المتحدة، فبإمكان أية دولة من هذه الدول، وبكل سهولة، أن تحمي هذا القاضي أو المحقِّق من هذه الضغوطات، لأنه، على سبيل المثال، بمجرد أن تُشيعَ عبر وسائل الإعلام العالمية أنه قد تعرَّض لها من قبل هؤلاء المسؤولين حتى يُعتبَر هذا بمثابة الدليل على تورط هذه الجهات بالاغتيال.
لكن لنتصور أن مسؤولين أمريكيين قد حاولوا ممارسة ضغوطات على هذا القاضي أو المحقِّق؛ فهل الدولة الغربية التي ينتمي إليها ستحميه من هذه الضغوطات، أم على العكس ستشارك بها ؟ وهل الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات الدولية التي يعمل فيها ستحميه من هذه الضغوطات، أم على العكس ستشارك بها ؟ تاريخ هذه الدول وهذه المنظمات يدل على أنها ستشارك بها. 
- أي إن المجتمع الدولي، على صعيد أنظمة الحكم والمنظمات الدولية، الذي، بمعظمه، لا يكتفي فقط بالصمت عن جرائم الولايات المتحدة في العالم بل يحاول أيضاً التغطية عليها أو المشاركة فيها إعلامياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً، فالمرجَّح أنه لن يكتفي فقط بالصمت عن تدخلها في عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بل سيحاول أيضاً التغطية عليه أو تسهيله أو المشاركة فيه. 
- أما عن القول بأن القضاة في المحكمة الدولية هم على درجة كبيرة من النزاهة وأنهم سيكونون استشهاديين في حرصهم على العدالة في مواجهة الضغوطات الأمريكية، فهذا القول هو على درجة كبيرة من السذاجة... فأية محكمة في العالم، ليست نزاهة القضاة فيها هي التي تؤمِّن مصداقيتها بل توفر القوة السياسية أو العسكرية التي تستطيع حمايتها من ضغوطات المتقاضين أو أية أطراف أخرى عندها مصلحة في التدخل في القضايا التي تنظر فيها.
- فيكون القول بنزاهة ومصداقية المحكمة الدولية إما أنه نابع من انجرار وراء سياسة الولايات المتحدة وترداد لأكاذيبها وإما سذاجة وتصديق لادعاءاتها بجلب الحرية والديمقراطية إلى المنطقة.
    
للتوسع أكثر في هذه المقالة انظر: "عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان":
للتوسع أكثر في هذا الموضوع انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" الفصل السابع.

الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الرابعة هي عن تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:


عامر سمعان ، باحث وكات
15/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 17/ 2/ 2014. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق