ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الجمعة، 19 أبريل 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (9)


     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.  
     الحلقة التاسعة هي حول ادعاء المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري.
     الرد على هذا الادعاء هو التالي:
     ثورات ما يُعرَف بالربيع العربي، من تونس ومصر إلى ليبيا وسوريا، لن تؤدي إلى أهدافها المرجوة في الحرية وتحسين الأوضاع الاقتصادية، ولو بعد ألف عام. ما ستؤدي إليه في الواقع لن يكون إلا زيادة في الفقر والدكتاتوريات، أو سيكون هناك ديمقراطية شكلية لكن مترافقة مع حالة عدم استقرار أمني مستمرة مع ما يترتب عليها من إعاقة النمو الاقتصادي.
     لأنه مهما كانت نتيجة هذه الثورات سيبقى هناك حالة من قلة الثقة في الاستقرار الأمني المستقبلي؛ لأنه إذا ما كان النظامُ الحاكم الجديد موالياً للولايات المتحدة فسيكون هناك تخوف من أن يتمرد عليه التيار المعارض لها في القواعد الشعبية، وإذا ما كان هذا النظامُ معارضاً لهذه الدولة فسيكون هناك تخوف من أن يتمرد عليه التيار الموالي لها في القواعد الشعبية بدعم وتشجيع منها، كما يكون هناك تخوف من استهداف هذا النظام باعتداءات خارجية من قبل هذه الدولة، أي الولايات المتحدة، أو حليفاتها خاصة منهم إسرائيل.
     ومن البديهيات في علم الاقتصاد أنه لا يمكن تسريع النمو الاقتصادي في أي بلد في ظلّ قلة الثقة في الاستقرار الأمني المستقبلي؛ لأنه في هذه الأجواء يتَّجه المستثمرون نحو الاستثمارات القصيرة الأمد التي تمتاز بالسرعة في الإنتاج وفي جني الأرباح، كما يتَّجه المواطنون بشكل عام إلى تخبئة أموالهم عوض استثمارها أو تحويلها إلى عملات أجنبية أو إلى الذهب... وكل هذه الأمور تكون معيقة للنمو الاقتصادي.
     والوضع هو نفسه في معظم دول الجنوب، التي تعاني من حالة قلة الثقة في الاستقرار الأمني المستقبلي، بسبب الانقسام في القواعد الشعبية في أي منها بين تيار موالٍ للولايات المتحدة وآخر معارض لها، وما يترتب على هذا الوضع من بطء النمو الاقتصادي...
     إضافة، في ظل قلة الثقة في الاستقرار الأمني المستقبلي لا يمكن نقل المجتمع من سوء الممارسة الديمقراطية إلى التحسن فيها، بل العكس قد يحدث، أي حتى ولو كان هناك ممارسة جيدة للديمقراطية فستشهد البلاد انحرافاً نحو سوء الممارسة فيها. من الأمثلة على ذلك ما حدث في الولايات المتحدة، الدولة الأكثر قوة في العالم، والتي ما أن ظهر تهديد بسيط لأمنها القومي بعد هجمات 11 أيلول 2001 من قبل تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الأصولية المتطرفة، أي بمجرد أن كان هناك تخوف بسيط من توترات أمنية مستقبلية، حتى كان هناك قوانين كمثل باترويت آكت وقانون تفويض الدفاع الوطني وقانون التجسس، التي تتضمن ما يشكِّل انتهاكاً للحقوق والحريات المدنية للأمريكيين تحت حجة محاربة الإرهاب والمحافظة على الأمن القومي. فمما تتضمنه هذه القوانين هو السماح للأجهزة الأمنية بالتنصّت على المواطنين الأمريكيين والاطلاع على المعلومات الشخصية عنهم ومداهمة منازلهم لمجرد الاشتباه أن لهم علاقة بالإرهاب ومن دون إذن قضائي، وكذلك اعتقالهم إلى أجل غير مسمى من دون توجيه تهمة لهم ومن دون محاكمة.
     أي إنه بمجرد حصول اهتزاز بسيط في الأمن القومي في الولايات المتحدة حتى كان هناك خطوة مهمة نحو سوء الممارسة للديمقراطية فيها، فكيف هو الحال إذاً في الدول العربية التي كان ولا يزال الأمن القومي فيها مهتزاً منذ عشرات السنين؛ والتي تغيير الأنظمة فيها من ضمن ما يُعرّف بالربيع العربي لن يؤدي إلا إلى زيادة في هذا الاهتزاز.
     أي إنه في المقاربة العلمية للموضوع فإن السبب الأساسي في فقر وتخلف الدول العربية ومعظم دول الجنوب هو حالة قلة الثقة في الاستقرار الأمني المستقبلي، والتي تعود أساساً إلى الجرائم والسياسات العدائية للولايات المتحدة وحليفاتها من الدول الأوروبية الاستعمارية وإسرائيل في هذه الدول... مع وجود استثناءات قليلة كمثل دول الخليج العربي التي تنعم بحالة جيدة من الاستقرار الأمني والنهوض الاقتصادي، الأمر الذي يعود أساساً إلى الحماية الأمريكية لها؛ وهي بالرغم من هذا النهوض الاقتصادي الذي يميّزها إلا أنه يبقى فيها حالة قوية من القمع وسوء الممارسة الديمقراطية والبطء في التطور...   
     بالتالي، الذين يطالبون الرئيسَ الأسد بإصلاحات جذرية في سوريا، والذين يقدِّمون أنفسهم على أنهم جديرين بالقيام بهكذا إصلاحات؛ نقول لكل هؤلاء إن الرئيس الأسد ومهما كان جاداً ومخلصاً في إصلاحاته الموعودة فهو لن يستطيع نقل البلاد، بأي شكل، إلى الممارسة الجيدة للديمقراطية وتسريع النمو الاقتصادي؛ وكذلك الحال مع أي شخص سيستلم السلطة في سوريا، سواء أكان موالياً أم معارضاً، أو مع الولايات المتحدة أم ضدها، أو علمانياً أم أصولياً، أو غيره... وكذلك الأمر مع باقي الدول العربية وغيرها من دول الجنوب التي عندها تاريخ مرّ مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية الحليفة لها... وإنه إذا ما أراد الشعب السوري، أو أي شعب آخر في الدول العربية أو في تلك الدول من الجنوب، أن يحلم بالاستقرار الأمني والديمقراطية والنمو الاقتصادي والتطور عليه ليس أن يفكر في تغيير النظام الحاكم أو الإبقاء عليه، بل في السَير في خطة واضحة تؤدي إلى هزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية.
     إضافة، وفيما يتعلق بالوضع السوري، وكما تبدو الأمور سائرة، فإن سقوط النظام الحالي لن يؤدي إلا إلى دولة طالبان جديدة لكن بنسخة عربية؛ بل ستكون أسوأ من دولة طالبان أفغانستان، لأن هذه الأخيرة وبالرغم من كل سيئاتها كان عندها حسنة واحدة وهي أنها كانت ضد السياسة الأمريكية، أما دولة طالبان سوريا فستكون تحت المظلة الأمريكية... أي إن المعارضة السورية المتأمركة، وسواء أكانت علمانية أم أصولية، هي آخر فريق في العالم يجدر به التكلم عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
     للتوسع فيما تقدم انظر المقالة "الإستراتيجيا المقترحة لإنهاء الزعامة العالمية للولايات المتحدة":
     أيضاً للتوسع أكثر فيما تقدم وللاطلاع على الدراسات والنظريات التي بموجبها تم توضيح كيف أن الزعامة العالمية للولايات المتحدة وتحالفها مع المستعمرين الأوروبيين وإسرائيل هي المسبب الأساسي لحالة قلة الاستقرار الأمني والفقر والتخلف في العالم العربي ومعظم دول الجنوب، وأنه لا يمكن لهذه المناطق أن تنعم بالاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور والديمقراطية إلا بإلحاق هزيمة كبرى بالولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية؛ انظر كتابي: "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة"، الفصول من التاسع إلى الثاني عشر.     
      
الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة كانت حول تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة كانت حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة كانت حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:




عامر سمعان ، باحث وكاتب
19/ 4/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق