سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.
الحلقة الثانية هي
حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري.
بعد اغتيال الرئيس
رفيق الحريري في شباط 2005 حصلت عدة اغتيالات طالت بضع قيادات من فريق 14 آذار،
وأيضاً حصلت عدة تفجيرات في مناطق هذا الفريق؛ فشكَّلت هذه الاغتيالات والتفجيرات
مادة دسمة من قبل هذا الفريق وحلفائه في الخارج، من أمريكيين ومتأمركين، لتوجيه
الاتهام ( سياسياً ) بالقيام بها إلى النظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل
اللبناني؛ كما كان الحال بتوجيههم الاتهام إلى هذا الفريق باغتيال الحريري.
الرد على هذه الأمر
لا يكون بتوجيه الاتهام بالقيام بهذه الاغتيالات والتفجيرات إلى إسرائيل، بل بتوجيهه
إلى مصدر العلة أي الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت في إظهار كيف أن المنتمين إلى
فريق 14 آذار قد ساهموا بسذاجة من خلال تصريحاتهم في استمرار هذه الأعمال، أي في
حفر قبورهم بأيديهم. فيكون الرد كما يلي:
- في الجريمة السياسية من السذاجة أن يتم توجيه الاتهام وفق
قاعدة أن مَن كان عدواً للقتيل يكون المتهَم؛ فأي محقق أو قاضٍ يوجّه الاتهام بهذا
الشكل لا يصلح أصلاً لأن يكون محققاً أو قاضياً... بل الصحيح والمنطقي أن يتم
توجيه الاتهام وفق قاعدة أن المستفيد الأول من الجريمة يكون المتهَم الأول، حتى
ولو كان صديقاً أو حليفاً للقتيل.
- الولايات المتحدة ومن ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة كانت
تدَّعي العمل على جلب الحرية والديمقراطية إليها في مواجهة الأنظمة القمعية، وقد
كانت أفضل طريقة لإثبات وجود نظام قمعي في لبنان خاضع للوصاية السورية ولتقديم
نفسها بهذه الصورة هي عبر اغتيال أهم قيادي في المعارضة، أي رفيق الحريري؛ لكي
يصار بعده إلى توجيه الاتهام إلى النظام بالقيام بهذا الاغتيال، ويتم إظهاره على
أنه أمني وقمعي ودموي.
- بعد ذلك ولكي تحافظ هذه الدولة على صورتها كجالبة للحرية
والديمقراطية إلى هذه المنطقة، ولكي تستمر ضغوطاتُها والضغوطاتُ العالمية على
النظام السوري وحزب الله وحلفائهما لإلزامهم بتقديم التنازلات أمام فريق 14 آذار،
ولكي يقبلوا بالمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري والتي من المفترَض بها أن
تزوِّر في عملها بما يؤدي في النهاية إلى إدانتهم بهذه الجريمة؛ فإن أفضل طريقة
لذلك كانت بأن تستمر الاغتيالات بحق القيادات من 14 آذار وبوضع المتفجرات في
المناطق السكنية التابعة لهم. لأنه من المفترَض أن يَتبع هذه الاغتيالات
والتفجيرات ضجةٌ إعلامية عالمية توجّه الاتهام بالقيام بها إلى الفريق الآخر كما
كان الحال مع اغتيال الحريري. فتكون هذه الضجة بمثابة الغطاء للضغوطات الأمريكية
والعالمية على هذا الفريق.
- لكن العامل الأساسي الذي من شأنه أن يثير ويحرِّك هذه الضجة،
هو أن يحدث قبلها ضجة محلية في الداخل اللبناني من قبل الفريق المتضرر، أي 14
آذار، توجّه الاتهام بالقيام بها، أي الاغتيالات والتفجيرات، إلى الفريق الآخر.
لأنه في حال العكس، أي في حال عدم توجيههم هذا الاتهام وأن يقرروا مثلاً انتظار
نتائج التحقيقات والمحاكمات، فإن الضجة العالمية ستكون أصغر بكثير.
- لذلك، كان قيام المنتمين إلى فريق 14 آذار، بقياداتهم
وقاعدتهم الشعبية، بعد دقائق من كل اغتيال أو تفجير، بإحداث ضجة محلية عبر توجيه
الشتائم والاتهام بالقيام به إلى النظام السوري وحزب الله وحلفائهما، تصرفاً نزقاً
وساذجاً، كونها كانت العامل الأساسي المحرِّك للضجة العالمية اللاحقة التي كانت
بدورها توجّه الاتهام إلى هذا الفريق، وتشكِّل الغطاء للضغوطات الأمريكية
والعالمية عليه؛ وأيضاً لكونها كانت المحفِّز للأمريكيين للاستمرار بهذه
الاغتيالات والتفجيرات، أو حتى لأي طرف غيرهم يستفيد من إضعاف هذا الفريق في
مواجهة الضغوطات الأمريكية والعالمية.
- أما عن القول عن النظام السوري وحزب الله وحلفائهما إنهم
كانوا يقومون بتلك الاغتيالات والتفجيرات بهدف إرهاب الفريق الآخر وجعله يكف عن
التحدث عن "الحرية والسيادة والاستقلال"، فلا أساس له؛ كون هؤلاء كان
بإمكانهم أن يلاحظوا الضجة العالمية الكبيرة التي كانت توجّه الاتهام إليهم إثر كل
اغتيال أو تفجير وما يستتبعها من زيادة الضغوطات عليهم. إضافة، إلى كون مواقف
الفريق الآخر لم تكن تعتمد على ما عندهم من جرأة وشجاعة ووطنية، لكي يكون إرهابهم
أمراً قابلاً للتحقيق، بل على دعم خارجي غير مسبوق منذ العام 2003، خاصة مع
"قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان" والقرار 1559.
- أما عن القول عن حزب الله إنه حاول اغتيال النائب بطرس حرب في
العام الماضي، فلا أساس له بدوره؛ لأنه ما هي استفادة هذا الحزب من هذا الاغتيال ؟
وإذا افترضنا أنه قُيّض لهذا الاغتيال النجاح في هذه الأوضاع التي تعيشها سوريا؛
فهل كان سيؤدي إلى جعل باقي قيادات 14 آذار وغيرهم من الإسلامويين الداعمين للثورة
السورية يرتعبون ويكفّون عن هذا الدعم، أم العكس، أي سيجعلهم يزدادون في دعمهم ؟
وإذا كانوا لم يرتعبوا قبل عدة سنوات حين كان النظام السوري في كامل قوته فهل
سيرتعبون الآن ؟ المستفيد الأول من أي اغتيال قد يطال أي سياسي لبناني معارض
للنظام السوري، هو أعداء هذا النظام، لأنه سيؤدي إلى إثارة ضجة محلية وعالمية
توجّه الاتهام بالقيام به إلى هذا النظام وحزب الله وحلفائهما، وإلى زيادة
الضغوطات العالمية عليهم.
للتوسع في موضوع تلك
الاغتيالات والتفجيرات انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية
الزعامة العالمية للولايات المتحدة"، الفصل السادس.
الحلقة السابقة كانت حول اغتيال الرئيس
الحريري:
الحلقة الثالثة هي حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة هي عن تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في
سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من
جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق
ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول
الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية
والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام
السوري:
عامر سمعان ، باحث وكاتب
12/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق