سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.
الحلقة الرابعة هي
عن تنظيم فتح الإسلام.
في العام 2007،
قامت السلطات الأمنية اللبنانية بإلقاء القبض على بعض عناصر تنظيم فتح الإسلام
بتهمة القيام بأحد التفجيرات التي استهدفت القواعد الشعبية لفريق 14 آذار ( تفجير
عين علق )؛ فكان من ضمن ما اعترفوا به هو
التخطيط لاغتيال قادة سياسيين في لبنان واستهداف قوات الأمم المتحدة في الجنوب.
وبعد الاعتداء الذي قام به هذا التنظيم على أحد مراكز الجيش
اللبناني قرب مخيم نهر البارد، استطاع الجيش القضاء على هذا التنظيم والسيطرة على
هذا المخيم بعد مواجهات طويلة ودامية.
فريق 14 آذار اعتبر هذا التنظيم عميلاً
للنظام السوري ودليلاً إضافياً على تورّط هذا النظام في اغتيال الحريري وغيره من
الاغتيالات التي طالت قيادات من 14 آذار وفي التفجيرات التي حصلت في مناطقهم
السكنية، بدليل أنه قد انشق عن تنظيم فتح الانتفاضة الموالي لهذا النظام، وأن مخيم
نهر البارد هو موالٍ بدوره لهذا النظام، وأن شاكر العبسي زعيم فتح الإسلام كان
مسجوناً في سوريا. أما الجيش اللبناني فاعتبر هذا التنظيم جزءًا من تنظيم القاعدة
وأنه ليس له أية علاقة بالمخابرات السورية. كما كان هناك أنباء صحفية تشير إلى أن
هدف هذا التنظيم كان إقامة إمارة إسلامية في شمال لبنان ( في مناطق الأكثرية
السنّية فيه ).
الرد على هذه الاتهامات يكون كما يلي:
فيما يتعلق بإقامة الإمارة الإسلامية في
شمال لبنان، لم يكن من المستحيل على هذا التنظيم النجاح في هذا الأمر؛ لأنه لو
قيّض له في ذلك الوقت النجاح في اغتيال أحد القياديين الكبار في 14 آذار، كمثل
فؤاد السنيورة أو سعد الحريري أو وليد جنبلاط أو البطريرك الماروني أو سمير جعجع،
لكان من المرجَّح أن قياديي هذا الفريق وقاعدتهم الشعبية لن يكتفوا هذه المرة،
وكعادتهم، بتوجيه الاتهام والشتائم إلى النظام السوري وحلفائه اللبنانيين؛ بل
أيضاً لكانت هذه القاعدة الشعبية قد قامت بالظهور المسلح في الأماكن العامة وقطع
الطرقات وما شابه؛ وبالنظر لأرجحية حصول توترات أمنية في هكذا وضع بينها وبين حزب
الله في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب، فهذا كان سيتطلب من القوى الأمنية
اللبنانية، من جيش وغيره، أن تركز وجودها وجهودها على هذه المناطق، ما كان سيتيح
بالتالي لهذا التنظيم التحرك بشكل أفضل في تلك المناطق في شمال لبنان لإقامة تلك الإمارة.
وإذا افترضنا أنه كان من الصعب على هذا التنظيم اغتيال أحد هؤلاء القياديين
الكبار، إلا أنه ولأرجحية وجود جهة ما خارجية تدعمه وتستفيد منه، فالأرجحية أيضاً
أن تساعده هذه الجهة في تنفيذ هكذا اغتيال.
أما عن هوية هذه الجهة، فبالاستناد إلى
قاعدة أن المستفيد الأول يكون المتهَم الأول؛ وبما أن النظام السوري لا يستفيد من
أي من الاغتيالات والتفجيرات التي طالت رفيق الحريري وغيره من 14 آذار، كما أوضحنا
في الحلقات السابقة، وبما أنه أيضاً لا يستفيد من إقامة إمارة إسلامية على حدوده،
وبالقرب من حمص، بل على العكس، أي يكون من أكثر المتضررين؛ بالتالي يكون غير متهَم
بإنشاء أو دعم هذا التنظيم بهدف استخدامه لهذه الغايات.
في
الجهة الأخرى، لما كانت الولايات المتحدة هي المستفيد الأول من هذه التفجيرات
والاغتيالات، أيضاً كما كنا قد أوضحنا، ولما كانت هي المستفيد الأول من إقامة هكذا
إمارة إسلامية، كونه كان سيترتب عليها: إما قيام الدولة اللبنانية بطلب مساعدتها
العسكرية للقضاء عليها، وإما تقسيم لبنان إلى دويلات طائفية وامتداد أثر ذلك إلى
سوريا؛ تصبح هي المتهَم الأول بإنشاء ودعم هذا التنظيم بهدف استخدامه لهذه
الغايات.
أي إذا افترضنا أنه قد قُيّض لتنظيم فتح
الإسلام النجاح في إقامة الإمارة الإسلامية في ذلك الوقت، فالفضل بذلك، أولاً
وأساساً، سيكون عائداً إلى سذاجة فريق 14 آذار وسلوكهم النزق، بعد دقائق من أي
اغتيال أو تفجير كان يستهدفهم، بتوجيه الشتائم والاتهام إلى النظام السوري وحلفائه
اللبنانيين بالقيام به.
للتوسع في مسألة تنظيم فتح الإسلام انظر كتابي: "حول الأزمة اللبنانية
ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة"، الفصل السادس.
الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس
الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت
في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب
بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الخامسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في
سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من
جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق
ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول
الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية
والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام
السوري:
25/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق