ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الأربعاء، 27 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (6)

     
     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.      
     الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من جرائم بحق المدنيين.
     لما كانت المعارضة السورية وجميع حلفائها في الخارج، من أمريكيين ومتأمركين، يتهِمون النظام السوري بالمسؤولية الأساسية عما يجري من جرائم بحق المدنيين، والتي كانت قد ابتدأت، حسب زعمهم: بإطلاق النار على المتظاهرين، وخطف المعارضين وتعذيبهم واغتصابهم، وقصف المناطق السكنية للمعارضة بالأسلحة الثقيلة، وحتى قصف مناطق الموالاة وتدبير التفجيرات الانتحارية فيها لتشويه صورة المعارضة... وصولاً إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ليس فقط في مناطق المعارضة بل أيضاً في مناطق الموالاة لتشويه صورة المعارضة... فالرد على هذه الاتهامات يكون كما يلي:
     عند تحديد المسؤولية الأساسية في أية جرائم، فالصحيح والمنطقي، أن تتم وفق قاعدة أن المستفيد الأول يكون المتهَم الأول. 
     بعد التدخل العسكري الغربي في ليبيا تحت حجة حماية المدنيين من قمع قوات القذافي والذي تم تحت مظلة الولايات المتحدة، استعادة هذه الدولةُ صورتَها كجالبة للحرية والديمقراطية إلى هذه المنطقة؛ بعد أن كانت هذه الصورة قد اهتزت بشكل كبير إثر ثورتي تونس ومصر. فكان هذا التدخل العسكري نصراً جديداً وسريعاً وسهلاً وكبيراً لهذه الدولة، أثبت صحةَ ادعاءاتها في حملاتها السياسية والإعلامية كجالبة للحرية والديمقراطية إلى هذه المنطقة؛ أي أثبت، في المقابل، عدم قدرة الشعوب العربية على السَير نحو الحرية والديمقراطية من دون مساعدتها. 
     مما ترتب على هذا النصر أن الفريق الحليف لها في العالم العربي، أي المتأمرك، سيكون في موقع القوة الإعلامية والسياسية عندما يخوض أيةَ مواجهة ضد الفريق المعادي لها مدَّعياً جلب الحرية والديمقراطية؛ وخاصة في حال قامت هذه الدولةُ، أي الولايات المتحدة، بدعمه إعلامياً وسياسياً في هذه المواجهة مدعيةً بدورها مساعدته في جلب الحرية والديمقراطية.
     وبما أن النظام السوري هو أكثر نظام عربي معارضةً للولايات المتحدة، وبما أن المعارضة السورية ( بمعظمها ) قد صدرت عنها تصريحاتٌ تشير بوضوح إلى الرغبة في التغيير في السياسة الخارجية السورية وإلى معاداة حزب الله وإيران؛ أصبحت تلقائياً من ضمن الفريق المتأمرك في العالم العربي.
     ولما كانت هذه المعارضة المتأمركة تطلب مساعدة الأمريكيين وحلفائهم في جلب الحرية والديمقراطية إلى بلدها، ولما كان الأمريكيون وحلفاؤهم، خاصة منهم الذين في أوروبا والشرق الأوسط والعالم العربي، يدَّعون مساعدتها في هذا الأمر؛ أصبحت هذه المعارضة في موقع القوة الإعلامية والسياسية في المواجهة ضد النظام على الصعيدين الإقليمي والعالمي. أي أصبحت، مع حلفائها في الخارج، في موقع الرابح إعلامياً على هذين الصعيدين فيما يتعلق بالأوضاع السورية؛ بينما أصبح النظام، مع حلفائه في الخارج، في موقع الخاسر إعلامياً فيما يتعلق بهذه الأوضاع.    
     أي إنه عند حصول أي تضارب في المعلومات بين المعارَضة والنظام ( وحلفائهما في الخارج ) حول أي حدث أمني أو غيره في الداخل السوري، تكون حجة المعارَضة، مع حلفائها الأمريكيين والمتأمركين، هي الأقوى إعلامياً على الصعيدين الإقليمي والعالمي.     
     أي إنه عند حصول أية جريمة بحق المدنيين السوريين، وسواء أكانوا من الموالين للنظام أم من المعارضة، وتبادل للاتهامات بين النظام والمعارضة بالمسؤولية عنها، فإن حجة المعارضة، مع حلفائها الخارجيين، ستكون هي الأقوى على هذين الصعيدين.   
     ومما يترتب على هذا الربح الإعلامي أن حججَ الحكومات الحليفة للمعارَضة تصبح قويةً في مطالبة شعوبها بتقديم الدعم لها وبتصعيد الضغوطات على هذا النظام، كما تصبح حججُها قويةً في مجلس الأمن وغيره من المؤسسات الدولية في المطالبة في العمل في كل ما هو في هذا الصدد...
     هذا ومع الأخذ في الاعتبار أن هذه الحكومات الحليفة للمعارضة، والتي ما هي إلا حكومة الولايات المتحدة وباقي الحكومات في العالم الموالية لها، هي من حيث العدد أكثر بكثير من تلك الداعمة للنظام السوري، ومن حيث القوة العسكرية والاقتصادية هي أيضاً أقوى بكثير من تلك الداعمة للنظام السوري...
     أي باختصار عند حصول أية جريمة بحق المدنيين السوريين، وسواء أكانوا من الموالين للنظام أم من المعارضة، وصولاً إلى استخدام السلاح الكيميائي بحقهم، فالمعارضة المسلحة مع حلفائها في الخارج من الأمريكيين ومَن معهم، هم المستفيدون منها أكثر من غيرهم والمتهَمون بها قبل غيرهم. بالطبع، باستثناء الفريق الصغير من هذه المعارضة الذي كان ولا يزال يرفض العمل العسكري والتدخل الخارجي.
     أما عن القول بأن المعارضة لا تمتلك السلاح الكيميائي، فهو سخيف، كون حلفائها في الخارج يمتلكونه.
     وعن القول بأن النظام هو قمعي ولا يمكنه إلا أن يستمر في عادته في القمع، فهو مرفوض ومردود، ويقابله القول إن الأمريكيين وكل المتأمركين الذين تحت مظلتهم هم مجرمون وكذابون ولا أحد يسبقهم في الإجرام والكذب، وخاصة عندما يدَّعون إقامة الدولة الدينية ويصل بهم الأمر إلى إصدار فتاوى تحلل جهاد النكاح وسبي الفتيات والنساء... هذه الفتاوى التي هي وصمة عار على جبين الحضارتين العربية والإسلامية.
     بكلام آخر يمكن التطرق باختصار إلى الموضوع كما يلي:
     الحكومات الداعمة للمعارضة السورية، أي الولايات المتحدة ومَن معها، هي ليست جمعيات خيرية تريد جلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري؛ بل هدفها هو جعل سوريا تحت المظلة الأمريكية، ووسيلتها، في سياساتها وإعلامها، هي الادعاء بوجود نظام قمعي ودموي فيها وأنها تريد تخليص الشعب السوري من هذا النظام وجلب الحرية والديمقراطية إليه؛ فتكون هذه الحكومات هي المستفيدة أكثر من غيرها من أية جرائم تحصل بحق المدنيين السوريين لتقوية موقفها تجاه شعوبها في سياق إيجاد الحجج المناسبة لتقديم الدعم للمعارضة السورية وتصعيد الضغوطات على النظام السوري. وبالتالي تكون هذه المعارضة السورية المسلحة مستفيدةً من هذه الجرائم أكثر من استفادة هذا النظام منها؛ ويكون كل هذا الفريق، المكوَّن من هذه المعارضة وحلفائها في الخارج، هو المستفيد أكثر من غيره والمتهَم قبل غيره بما يجري من جرائم بحق المدنيين السوريين.
     أخيراً، يصح القول هنا إن مَن يحمِّلون النظامَ السوري المسؤولية الأساسية عما يجري من جرائم بحق المدنيين يكونون إما من الموالين لسياسة الولايات المتحدة والمروجين لأكاذيبها، وإما من المخدوعين بسياسة هذه الدولة وبإعلامها ومقتنعِين بأنها تعمل صادقةً لجلب الحرية والديمقراطية والازدهار إلى شعوب هذه المنطقة.
     للتوسع أكثر في هذا الموضوع انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" الفصل الحادي عشر.

الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة كانت حول تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:


عامر سمعان ، باحث وكاتب
27/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق