ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

السبت، 30 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (7)


     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.      
     الحلقة السابعة هي حول الوزير السابق في لبنان ميشال سماحة.
     قامت الأجهزة الأمنية اللبنانية بإلقاء القبض على هذا السياسي الداعم بقوة لنظام الأسد في شهر آب 2012. وبحسب ما تم تداوله إعلامياً واستغلاله سياسياً من قبل الفريق المتأمرك أن سماحة نقل متفجرات بسيارته من سوريا إلى لبنان بالتعاون مع مسؤول أمني كبير في النظام السوري بهدف تنفيذ أعمال عسكرية في منطقة عكار الشمالية تشمل: اغتيال سياسيين ورجال دين ومفتين من السنّة معارِضين لهذا النظام، وتفجير بعض إفطارات رمضان، واغتيال قيادات وتفجير تجمعات للمعارَضة السورية وتفجير ممرات لتهريب الأسلحة إلى المعارَضة في داخل سوريا، وأيضاً تفجير أماكن مسيحية واغتيال رجال دين مسيحيين كبار... وصولاً إلى إثارة فتنة طائفية بين السنة وغيرهم وتوريط الأقلية المسيحية في هذه الفتنة، وأيضاً إثارة الاقتتال الطائفي بين السنة والعلويين في طرابلس. 
     وبالطبع كان هذا الفريقُ المتأمرك قد هلَّل لما اعتبره نصراً إعلامياً وسياسياً كبيراً بعد انكشاف هذا المخطط المزعوم لسماحة - مملوك؛ وجعل منه الدليل الأهم على تورط نظام الأسد باغتيال الحريري وبكافة الاغتيالات المرتبطة به، وعلى نهج هذا النظام في زعزعة استقرار لبنان. ومن وجهة نظره أن مصلحة نظام الأسد في إثارة الفتنة الطائفية في شمال لبنان في هذه المرحلة تكمن: أولاً في إظهار نفسه بصورة المدافع عن الأقليات، من مسيحية وعلوية وغيرها، بوجه الأصوليات السنّية المتطرفة؛ وثانياً في جعل قسم من المقاتلين السنّة الأصوليين من مختلف البلدان يأتون إلى لبنان للجهاد إلى جانب أهل السنّة فيه عوضاً من أن يتوجهوا جميعهم إلى سوريا، فيخف الضغط عن النظام فيها؛ إضافة، إلى الاستفادة التي سيجنيها من الحد من تهريب الأسلحة إلى الداخل السوري...
     الرد على هذا الأمر يكون كما يلي:
     إن إحداث هكذا فتنة طائفية في منطقة عكار، في هذه المرحلة التي تتميز بالانحدار الشديد في هيبة الدولة، سيؤدي إلى فلتان أمني كبير في هذه المنطقة وخروجها عن سلطة الدولة؛ الوضع الذي سيؤدي إلى القيام بالعمليات العسكرية ضد النظام السوري، وبشكل كبير ومنفلت، انطلاقاً من هذه المنطقة اللبنانية كما لتمرير المساعدات منها إلى المعارَضة في الداخل السوري، وخاصةً إلى حمص الحاضنة الأكبر للمعارضة وإلى جوار العاصمة السورية. وفي حال أراد هذا النظام الرد على هذه الاعتداءات بشكل واسع داخل الأراضي اللبنانية، فهذا سيكون بمثابة الحجة القوية لدى الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية للتدخل عسكرياً في لبنان لإقامة ما يُعرَف بمنطقة الحظر الجوي أو الممر الآمن للمساعدات الإنسانية إلى الداخل السوري.
     إضافة، الاحتمال كبير أن يتورط حزب الله بهذه الفتنة، ولكي تمتد إلى معظم الأراضي اللبنانية ويكون هناك فتنة كبيرة بين السنة والشيعة على المستوى الوطني... وهذا بدوره ليس مطلقاً في مصلحة النظام السوري.
     وحتى لو لم يكن الهدف من المخطط المزعوم الوصول إلى الفتنة الطائفية، فإن مجرد اغتيال سياسيين كبار ومفتين من السنة معارضين للنظام السوري في هذه المنطقة كان سيؤدي إلى هكذا فتنة بدليل ما حدث قبل أشهر من اعتقال سماحة إثر مقتل الشيخ عبد الواحد ومرافقه على أحد حواجز الجيش في عكار وإثر اعتقال شادي المولوي.
     وحول مسألة إظهار النظام السوري نفسه بمظهَر المدافع عن الأقليات بعد توريط الأقليات المسيحية والعلوية في هذه الفتنة، أيضاً هنا هذا النظامُ لا يستفيد من هذا الأمر؛ والدليل أنه، ومنذ بداية الأحداث السورية، عندما كان يتعرَّض المسيحيون السوريون للقتل والخطف والسرقة المسلحة والاغتصاب والتهجير والقنص والقصف والذبح وتخريب الكنائس وغيره... كان يُتهَم من قبل المعارضة وحلفائها في الخارج وكل الماكينات الإعلامية التي تحت تصرفهم بأنه هو مَن يُدبّر هذه العمليات الإجرامية بحق المسيحيين بهدف تشويه صورة المعارضة، تماماً كما كان يُتهَم من قبل هؤلاء بكل الجرائم التي تحصل بحق المدنيين سواء أكانوا موالين له أم معارضين... أي إنه في حال حصلت تلك الفتنة الطائفية في عكار وطرابلس وتعرّض المسيحيين والعلويين لعمليات إجرامية فسيُتهَم النظامُ السوري من قبل المعارضة السورية وكل حلفائها في الخارج من أمريكيين ومتأمركين بأن هو من أثار هذه الفتنة ليُظهِر نفسه بصورة المدافع عن الأقليات... أي إنه هنا أيضاً لن يكون مستفيداً من هذا الأمر.
     بالتالي، يكون الرأي الصائب حول ميشال سماحة، هو أحد الاحتمالين: الأول، أن تكون جهة ما قد لفَّقت له هذه التهمة وزوَّرت تلك الأشرطة والتسجيلات التي تُظهِره مسلِّماً المتفجرات إلى أحدهم لإشعال هذه الفتنة... وعند التحدث عن هذه الجهة فليس بالضرورة أن تكون لبنانية بل من الممكن أن تكون أكبر بكثير، وأن يكون هدفها هو تشويه صورة النظام السوري واستخدام هذا الأمر في المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري.
     الثاني، أن يكون سماحة قد انقلب على نظام الأسد وتعاون مع جهة ما معادية له، كمثل المعارضة السورية أو أحد حلفائها في الخارج من أمريكيين أو متأمركين، بهدف إشعال تلك فتنة في شمال لبنان وتسريع سقوط هذا النظام من خلالها.
     لكن أن يقال إن سماحة ومملوك قد قاما بعمل غبي من خلال هذا المخطط لأنهم ظنوا أن النظام السوري سيستفيد منه، أو كما قال أحد أصدقاء سماحة "إن محبته لسوريا قد أعمَت قلبَه" فهذا الاحتمال ضعيف جداً؛ لأنه عندما يوجد طرفان متهمان بجريمة: الأول يستفيد إلى أبعد الحدود من الجريمة ونفترض أنه تصرَّف بذكاء وارتكبها للحصول على هذه الاستفادة، والثاني لا يستفيد من الجريمة بل يتضرر كثيراً منها ونفترض أنه تصرَّف بغباء وارتكبها ظناً منه أنه سيستفيد منها؛ في هكذا وضع، فإن أبسط قواعد المنطق تقتضي توجيه الاتهام إلى الطرف الأول وليس الثانـي؛ لأنه في حالة هذا الأخير، مهما كان غبياً فسيظل عنده القليل من التفكير ليدرك مدى الضرر الذي سيلحق به من الجريمة.
     أي يصح هنا أيضاً القول إن مَن يتهِمون (سياسياً) النظامَ السوري بتدبير مخطط سماحة يكونون إما من الموالين لسياسة الولايات المتحدة والمروجين لأكاذيبها، وإما من المخدوعين بسياسة هذه الدولة وبإعلامها ومقتنعِين بأنها تعمل صادقةً لجلب الحرية والديمقراطية والازدهار إلى شعوب هذه المنطقة.
     للتوسع في هذا الموضوع انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" الفصل الحادي عشر.    

الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة كانت حول تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:


عامر سمعان ، باحث وكاتب
30/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.

الأربعاء، 27 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (6)

     
     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.      
     الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من جرائم بحق المدنيين.
     لما كانت المعارضة السورية وجميع حلفائها في الخارج، من أمريكيين ومتأمركين، يتهِمون النظام السوري بالمسؤولية الأساسية عما يجري من جرائم بحق المدنيين، والتي كانت قد ابتدأت، حسب زعمهم: بإطلاق النار على المتظاهرين، وخطف المعارضين وتعذيبهم واغتصابهم، وقصف المناطق السكنية للمعارضة بالأسلحة الثقيلة، وحتى قصف مناطق الموالاة وتدبير التفجيرات الانتحارية فيها لتشويه صورة المعارضة... وصولاً إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ليس فقط في مناطق المعارضة بل أيضاً في مناطق الموالاة لتشويه صورة المعارضة... فالرد على هذه الاتهامات يكون كما يلي:
     عند تحديد المسؤولية الأساسية في أية جرائم، فالصحيح والمنطقي، أن تتم وفق قاعدة أن المستفيد الأول يكون المتهَم الأول. 
     بعد التدخل العسكري الغربي في ليبيا تحت حجة حماية المدنيين من قمع قوات القذافي والذي تم تحت مظلة الولايات المتحدة، استعادة هذه الدولةُ صورتَها كجالبة للحرية والديمقراطية إلى هذه المنطقة؛ بعد أن كانت هذه الصورة قد اهتزت بشكل كبير إثر ثورتي تونس ومصر. فكان هذا التدخل العسكري نصراً جديداً وسريعاً وسهلاً وكبيراً لهذه الدولة، أثبت صحةَ ادعاءاتها في حملاتها السياسية والإعلامية كجالبة للحرية والديمقراطية إلى هذه المنطقة؛ أي أثبت، في المقابل، عدم قدرة الشعوب العربية على السَير نحو الحرية والديمقراطية من دون مساعدتها. 
     مما ترتب على هذا النصر أن الفريق الحليف لها في العالم العربي، أي المتأمرك، سيكون في موقع القوة الإعلامية والسياسية عندما يخوض أيةَ مواجهة ضد الفريق المعادي لها مدَّعياً جلب الحرية والديمقراطية؛ وخاصة في حال قامت هذه الدولةُ، أي الولايات المتحدة، بدعمه إعلامياً وسياسياً في هذه المواجهة مدعيةً بدورها مساعدته في جلب الحرية والديمقراطية.
     وبما أن النظام السوري هو أكثر نظام عربي معارضةً للولايات المتحدة، وبما أن المعارضة السورية ( بمعظمها ) قد صدرت عنها تصريحاتٌ تشير بوضوح إلى الرغبة في التغيير في السياسة الخارجية السورية وإلى معاداة حزب الله وإيران؛ أصبحت تلقائياً من ضمن الفريق المتأمرك في العالم العربي.
     ولما كانت هذه المعارضة المتأمركة تطلب مساعدة الأمريكيين وحلفائهم في جلب الحرية والديمقراطية إلى بلدها، ولما كان الأمريكيون وحلفاؤهم، خاصة منهم الذين في أوروبا والشرق الأوسط والعالم العربي، يدَّعون مساعدتها في هذا الأمر؛ أصبحت هذه المعارضة في موقع القوة الإعلامية والسياسية في المواجهة ضد النظام على الصعيدين الإقليمي والعالمي. أي أصبحت، مع حلفائها في الخارج، في موقع الرابح إعلامياً على هذين الصعيدين فيما يتعلق بالأوضاع السورية؛ بينما أصبح النظام، مع حلفائه في الخارج، في موقع الخاسر إعلامياً فيما يتعلق بهذه الأوضاع.    
     أي إنه عند حصول أي تضارب في المعلومات بين المعارَضة والنظام ( وحلفائهما في الخارج ) حول أي حدث أمني أو غيره في الداخل السوري، تكون حجة المعارَضة، مع حلفائها الأمريكيين والمتأمركين، هي الأقوى إعلامياً على الصعيدين الإقليمي والعالمي.     
     أي إنه عند حصول أية جريمة بحق المدنيين السوريين، وسواء أكانوا من الموالين للنظام أم من المعارضة، وتبادل للاتهامات بين النظام والمعارضة بالمسؤولية عنها، فإن حجة المعارضة، مع حلفائها الخارجيين، ستكون هي الأقوى على هذين الصعيدين.   
     ومما يترتب على هذا الربح الإعلامي أن حججَ الحكومات الحليفة للمعارَضة تصبح قويةً في مطالبة شعوبها بتقديم الدعم لها وبتصعيد الضغوطات على هذا النظام، كما تصبح حججُها قويةً في مجلس الأمن وغيره من المؤسسات الدولية في المطالبة في العمل في كل ما هو في هذا الصدد...
     هذا ومع الأخذ في الاعتبار أن هذه الحكومات الحليفة للمعارضة، والتي ما هي إلا حكومة الولايات المتحدة وباقي الحكومات في العالم الموالية لها، هي من حيث العدد أكثر بكثير من تلك الداعمة للنظام السوري، ومن حيث القوة العسكرية والاقتصادية هي أيضاً أقوى بكثير من تلك الداعمة للنظام السوري...
     أي باختصار عند حصول أية جريمة بحق المدنيين السوريين، وسواء أكانوا من الموالين للنظام أم من المعارضة، وصولاً إلى استخدام السلاح الكيميائي بحقهم، فالمعارضة المسلحة مع حلفائها في الخارج من الأمريكيين ومَن معهم، هم المستفيدون منها أكثر من غيرهم والمتهَمون بها قبل غيرهم. بالطبع، باستثناء الفريق الصغير من هذه المعارضة الذي كان ولا يزال يرفض العمل العسكري والتدخل الخارجي.
     أما عن القول بأن المعارضة لا تمتلك السلاح الكيميائي، فهو سخيف، كون حلفائها في الخارج يمتلكونه.
     وعن القول بأن النظام هو قمعي ولا يمكنه إلا أن يستمر في عادته في القمع، فهو مرفوض ومردود، ويقابله القول إن الأمريكيين وكل المتأمركين الذين تحت مظلتهم هم مجرمون وكذابون ولا أحد يسبقهم في الإجرام والكذب، وخاصة عندما يدَّعون إقامة الدولة الدينية ويصل بهم الأمر إلى إصدار فتاوى تحلل جهاد النكاح وسبي الفتيات والنساء... هذه الفتاوى التي هي وصمة عار على جبين الحضارتين العربية والإسلامية.
     بكلام آخر يمكن التطرق باختصار إلى الموضوع كما يلي:
     الحكومات الداعمة للمعارضة السورية، أي الولايات المتحدة ومَن معها، هي ليست جمعيات خيرية تريد جلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري؛ بل هدفها هو جعل سوريا تحت المظلة الأمريكية، ووسيلتها، في سياساتها وإعلامها، هي الادعاء بوجود نظام قمعي ودموي فيها وأنها تريد تخليص الشعب السوري من هذا النظام وجلب الحرية والديمقراطية إليه؛ فتكون هذه الحكومات هي المستفيدة أكثر من غيرها من أية جرائم تحصل بحق المدنيين السوريين لتقوية موقفها تجاه شعوبها في سياق إيجاد الحجج المناسبة لتقديم الدعم للمعارضة السورية وتصعيد الضغوطات على النظام السوري. وبالتالي تكون هذه المعارضة السورية المسلحة مستفيدةً من هذه الجرائم أكثر من استفادة هذا النظام منها؛ ويكون كل هذا الفريق، المكوَّن من هذه المعارضة وحلفائها في الخارج، هو المستفيد أكثر من غيره والمتهَم قبل غيره بما يجري من جرائم بحق المدنيين السوريين.
     أخيراً، يصح القول هنا إن مَن يحمِّلون النظامَ السوري المسؤولية الأساسية عما يجري من جرائم بحق المدنيين يكونون إما من الموالين لسياسة الولايات المتحدة والمروجين لأكاذيبها، وإما من المخدوعين بسياسة هذه الدولة وبإعلامها ومقتنعِين بأنها تعمل صادقةً لجلب الحرية والديمقراطية والازدهار إلى شعوب هذه المنطقة.
     للتوسع أكثر في هذا الموضوع انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" الفصل الحادي عشر.

الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة كانت حول تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:


عامر سمعان ، باحث وكاتب
27/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.

الثلاثاء، 26 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (5)

     
     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.      
     الحلقة الخامسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية.
     لما كانت المعارضة السورية وجميع حلفائها في الخارج، من أمريكيين ومتأمركين، كانوا ولا يزالون يتهمون النظام السوري بالمسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من أحداث أمنية، والتي كانت قد ابتدأت، حسب زعمهم، بإطلاق النار على المتظاهرين وتعذيبهم وما شابه... فالرد على هذا الاتهام يكون كما يلي:
     عند تحديد المسؤولية الأساسية في أية أحداث أمنية، فالصحيح والمنطقي، أن تتم وفق قاعدة أن المستفيد الأول يكون المتهَم الأول. 
     النظام السوري، ومنذ بداية التحركات الشعبية، لم يكن مستفيداً من قمع المتظاهرين والمعارضين له بالقوة العسكرية، لأنه كان بإمكانه أن يحافظ على وجوده من خلال التظاهرات الشعبية الضخمة المؤيدة له والتي كانت أكبر في الحجم من تلك المعارِضة. فالتظاهرات الشعبية المعارِضة، في أي بلد في العالم، عندما تطالب بتغيير النظام، فبإمكانها أن تحقق ذلك في حال لم يكن هناك من تظاهرات مؤيدة له تماثلها في الحجم؛ لأنه في هكذا وضع، يكون هناك تخوّف من أن يَتبَع التظاهراتِ المعارِضة الإضراباتُ الكبيرة ثم العصيان المدني، فينهار اقتصاد البلاد وتنهار معه القوات المسلحة. فهذه القوات، في هكذا وضع، وحتى وإن كانت قياداتها موالية للنظام ومن أزلامه، فلكي تحافظ على اقتصاد البلاد وعلى وجودها فإنها تقوم بتنحية النظام الحاكم. وهذا ما قد حصل في تونس في تنحية نظام بن علي، وفي مصر في تنحية نظام مبارك.
     أما عندما توجد تظاهرات ضخمة مؤيدة للنظام، تماثل في الحجم تلك المعارِضة أو تكون أكبر منها، كمثل ما كان الوضع في سوريا، فما قد تقوم به المعارَضةُ من إضرابات وعصيان مدني سيبقى محصوراً في قواعدها الشعبية، بينما ستبقى أكثرية القواعد الشعبية موالية للنظام ومتعاونة معه ومحافظة على اقتصاد البلاد. أي ستكون القواعد الشعبية للمعارَضة من أكثر المتضررين من الإضرابات والعصيان المدني. في هكذا وضع ستبقى القوات المسلحة موالية للنظام ومحافِظة عليه، خاصة عندما تكون قياداتها موالية له ومن أزلامه.
     أما من جهة النظام في هذا الوضع، فمن الممكن أن يقوم بقمع المعارَضة بالقوة العسكرية؛ هذا في حال كانت البلاد جزيرة منعزلة أو كانت القوى العظمى في العالم راضية عن هكذا قمع. أما عندما تكون هذه القوى العظمى، بمعظمها، متربصةً بهذا النظام وتدَّعي أنها تحب شعبَه وتعطف عليه وتريد جلب الحرية والديمقراطية له، هنا يكون من مصلحة النظام أن لا يقمع المعارَضة بالقوة العسكرية بل أن يتركها تتظاهر، وفي نفس الوقت، يكون هناك في الجهة الأخرى تظاهرات موالية وداعمة له.
     أي إن النظام السوري، وبعد النصر الكبير والسهل الذي حققته الولايات المتحدة في ليبيا، لم يكن من مصلحته قمع المعارَضة بالقوة العسكرية وتعريض البلاد لضغوطات خارجية لا حصر لها؛ في حين كان بإمكانه أن يحافظ على وجوده من خلال التظاهرات الضخمة المؤيدة له.
     مع التنبيه إلى أنه عند وجود الانقسام في القواعد الشعبية، في أي بلد في العالم، بين تظاهرات موالية للنظام وأخرى معارضة، فليس بالضرورة أن تبقى القوات المسلحة موالية للنظام. لأنه في حال كانت قياداتها ضده وراغبة في تغييره، فالمرجَّح أنها ستستغل الانقسام في القواعد الشعبية لتنقلب عليه؛ أي كمثل ما جرى في مصر في انقلاب القوات المسلحة على حكم الأخوان.  
     بالعودة إلى الوضع السوري، وفيما يتعلق بالمعارَضة السورية فهي كانت مستفيدة من الأحداث الأمنية لأنها، أولاً، بعد أن فشلت في أن تربح الشارع السوري، أي لأنه كان هناك تظاهرات مؤيدة للنظام أكبر في الحجم من التي لها، كانت ذاهبة إلى هزيمة سياسية معتبَرة؛ وثانياً، لأن الولايات المتحدة مع أطراف عدة في الشرق الأوسط كانت قد ابتدأت بحملة سياسية وإعلامية كبيرة ضد النظام السوري متهمَةً إياه بالقمع والديكتاتورية؛ وثالثاً، لأن هذه الأطراف، أي الأمريكيين ومَن معهم، هم ليسوا جمعيات خيرية تريد جلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري بل يريدون بكل الوسائل جعل سوريا تحت المظلة الأمريكية، وليس من الصعب عليهم تمرير السلاح والمساعدات إلى المعارَضة.
     وبالتالي، كان لدى المعارَضة كل الاستفادة والإمكانية للقيام بالأحداث الأمنية، والتصعيد فيها تدريجياً...
     في الجهة الأخرى، كان من الطبيعي وجود عناصر أمنية تابعة للنظام ارتكبت تجاوزات بحق المعارَضة كمثل إطلاق النار على المتظاهرين وتعذيب المعتقلين وما شابه. فأيُّ جيش في العالم، ومهما بلغ من حسن الإدارة والتنظيم، عندما يوضع في موقف حرج لا بد أن يَظهر بين عناصره مَن يرتكبون التجاوزات؛ ومن أبرز الأمثلة على هذا تجاوزات الأمريكيين في أبو غريب وغوانتنامو التي ضجَّ العالمُ بها.
     فعندما يخوض النظامُ السوري حرباً إعلامية وسياسية واقتصادية غير متكافئة في مواجهة الأمريكيين وكل المتأمركين الذي تحت مظلتهم من أنظمة حكم ومنظمات دولية ( أي جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ) وأفرقاء سياسيين وقواعد شعبية في مختلف أنحاء العالم، وعندما يرى تهريب الأموال والسلاح إلى المعارَضة في الداخل ودخول المأجورين والعملاء، ويرى اقتصادَه يُستنزَف، وأيضاً عندما يرى هذا النظامُ الكثير من الأصوليين الإسلاميين المتطرفين في أنحاء مختلفة من العالم أصبحوا يَعتبرون أن طريق الجنة تمرّ عبر المساهمة في إسقاطه ! فمن الطبيعي في هكذا موقف حرج أن توجد عناصر من الجيش والشرطة في هذا النظام ترتكب التجاوزات بحق المعارَضة. 
     وعند الأخذ في الاعتبار واقع حصول هذه التجاوزات والأخطاء يجدر أيضاً الأخذ في الاعتبار، أنه، ومنذ بداية التظاهرات، لم يكن من المستبعَد وجود عملاء للمعارضة وللأطراف الخارجية الداعمة لها يطلقون النار على المتظاهرين والمعارِضين ويخطفونهم ويعذبونهم ويمثلون بجثثهم لتشويه صورة النظام ولتسعير المواجهات العسكرية بين الطرفين؛ كون هذه الأطراف الخارجية، من أمريكيين ومتأمركين، هم ليسوا جمعيات خيرية همها جلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري.
     للتوسع أكثر في هذا الموضوع انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" الفصل الحادي عشر.    
     أخيراً، وبالنظر إلى ما تقدم، يصح القول إن من يحمّلون النظام السوري المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من أحداث أمنية يكونون إما من الموالين لسياسة الولايات المتحدة والمروجين لأكاذيبها، وإما من المخدوعين بسياسة هذه الدولة وبإعلامها ومقتنعِين بأنها تعمل صادقةً لجلب الحرية والديمقراطية والازدهار إلى شعوب هذه المنطقة.

الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة كانت حول تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:



عامر سمعان ، باحث وكاتب
www.amersemaan.com
26/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.

الاثنين، 25 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (4)

     
     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.      
     الحلقة الرابعة هي عن تنظيم فتح الإسلام.
     في العام 2007، قامت السلطات الأمنية اللبنانية بإلقاء القبض على بعض عناصر تنظيم فتح الإسلام بتهمة القيام بأحد التفجيرات التي استهدفت القواعد الشعبية لفريق 14 آذار ( تفجير عين علق )؛ فكان من ضمن ما اعترفوا به هو التخطيط لاغتيال قادة سياسيين في لبنان واستهداف قوات الأمم المتحدة في الجنوب. وبعد الاعتداء الذي قام به هذا التنظيم على أحد مراكز الجيش اللبناني قرب مخيم نهر البارد، استطاع الجيش القضاء على هذا التنظيم والسيطرة على هذا المخيم بعد مواجهات طويلة ودامية.
     فريق 14 آذار اعتبر هذا التنظيم عميلاً للنظام السوري ودليلاً إضافياً على تورّط هذا النظام في اغتيال الحريري وغيره من الاغتيالات التي طالت قيادات من 14 آذار وفي التفجيرات التي حصلت في مناطقهم السكنية، بدليل أنه قد انشق عن تنظيم فتح الانتفاضة الموالي لهذا النظام، وأن مخيم نهر البارد هو موالٍ بدوره لهذا النظام، وأن شاكر العبسي زعيم فتح الإسلام كان مسجوناً في سوريا. أما الجيش اللبناني فاعتبر هذا التنظيم جزءًا من تنظيم القاعدة وأنه ليس له أية علاقة بالمخابرات السورية. كما كان هناك أنباء صحفية تشير إلى أن هدف هذا التنظيم كان إقامة إمارة إسلامية في شمال لبنان ( في مناطق الأكثرية السنّية فيه ).
     الرد على هذه الاتهامات يكون كما يلي:                            
     فيما يتعلق بإقامة الإمارة الإسلامية في شمال لبنان، لم يكن من المستحيل على هذا التنظيم النجاح في هذا الأمر؛ لأنه لو قيّض له في ذلك الوقت النجاح في اغتيال أحد القياديين الكبار في 14 آذار، كمثل فؤاد السنيورة أو سعد الحريري أو وليد جنبلاط أو البطريرك الماروني أو سمير جعجع، لكان من المرجَّح أن قياديي هذا الفريق وقاعدتهم الشعبية لن يكتفوا هذه المرة، وكعادتهم، بتوجيه الاتهام والشتائم إلى النظام السوري وحلفائه اللبنانيين؛ بل أيضاً لكانت هذه القاعدة الشعبية قد قامت بالظهور المسلح في الأماكن العامة وقطع الطرقات وما شابه؛ وبالنظر لأرجحية حصول توترات أمنية في هكذا وضع بينها وبين حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب، فهذا كان سيتطلب من القوى الأمنية اللبنانية، من جيش وغيره، أن تركز وجودها وجهودها على هذه المناطق، ما كان سيتيح بالتالي لهذا التنظيم التحرك بشكل أفضل في تلك المناطق في شمال لبنان لإقامة تلك الإمارة. وإذا افترضنا أنه كان من الصعب على هذا التنظيم اغتيال أحد هؤلاء القياديين الكبار، إلا أنه ولأرجحية وجود جهة ما خارجية تدعمه وتستفيد منه، فالأرجحية أيضاً أن تساعده هذه الجهة في تنفيذ هكذا اغتيال.   
     أما عن هوية هذه الجهة، فبالاستناد إلى قاعدة أن المستفيد الأول يكون المتهَم الأول؛ وبما أن النظام السوري لا يستفيد من أي من الاغتيالات والتفجيرات التي طالت رفيق الحريري وغيره من 14 آذار، كما أوضحنا في الحلقات السابقة، وبما أنه أيضاً لا يستفيد من إقامة إمارة إسلامية على حدوده، وبالقرب من حمص، بل على العكس، أي يكون من أكثر المتضررين؛ بالتالي يكون غير متهَم بإنشاء أو دعم هذا التنظيم بهدف استخدامه لهذه الغايات.
في الجهة الأخرى، لما كانت الولايات المتحدة هي المستفيد الأول من هذه التفجيرات والاغتيالات، أيضاً كما كنا قد أوضحنا، ولما كانت هي المستفيد الأول من إقامة هكذا إمارة إسلامية، كونه كان سيترتب عليها: إما قيام الدولة اللبنانية بطلب مساعدتها العسكرية للقضاء عليها، وإما تقسيم لبنان إلى دويلات طائفية وامتداد أثر ذلك إلى سوريا؛ تصبح هي المتهَم الأول بإنشاء ودعم هذا التنظيم بهدف استخدامه لهذه الغايات.
     أي إذا افترضنا أنه قد قُيّض لتنظيم فتح الإسلام النجاح في إقامة الإمارة الإسلامية في ذلك الوقت، فالفضل بذلك، أولاً وأساساً، سيكون عائداً إلى سذاجة فريق 14 آذار وسلوكهم النزق، بعد دقائق من أي اغتيال أو تفجير كان يستهدفهم، بتوجيه الشتائم والاتهام إلى النظام السوري وحلفائه اللبنانيين بالقيام به.  
     للتوسع في مسألة تنظيم فتح الإسلام انظر كتابي: "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة"، الفصل السادس.   

الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الخامسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:




عامر سمعان ، باحث وكاتب
www.amersemaan.com
25/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.

الجمعة، 15 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (3)



     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.      
     الحلقة الثالثة هي حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري.
     بعد أن أبدى حزبُ الله وبعض حلفائه في الداخل اللبناني التشكيك في مصداقية هذه المحكمة والتخوف من أن تكون أداة تجسس إسرائيلية وصولاً إلى التعبير صراحة عن رفض التعاون معها؛ شكَّل هذا الموقفُ حجةً جديدة عند فريق 14 آذار لاتهام هذا الفريق باغتيال الحريري وباقي الجرائم التي تم ربطها بهذا الاغتيال، من منطلق أن هذه المحكمة تضم أفضل المحققين والقضاة في العالم والأكثر نزاهة وأن التشكيك بمصداقيتها ورفض التعاون معها ما هو إلا دليل جديد على تورط هذا الفريق بهذه الجرائم.
     الرد على هذا الأمر لا يكون بالتشكيك بمصداقية هذه المحكمة انطلاقاً من خضوعها للمطالب الإسرائيلية بل بالتشكيك بها انطلاقاً من خضوعها لمطالب الولايات المتحدة، كونها جزءًا من النظام العالمي الذي تتزعمه هذه الدولة؛ وفي نفس الوقت، من خلال وصف التعبير عن الثقة بهذه المحكمة على أنه إما انجرار وراء السياسة هذه الدولة وترداد أكاذيبها وإما سذاجة وتصديق لادعاءاتها بجلب الحرية والديمقراطية إلى المنطقة. أي يكون الرد كما يلي:
- أية محكمة في أي مكان أو زمان، ولكي تستطيع أن تقوم بعملها، هي بحاجة إلى القوة العسكرية أو السياسية التي تؤمِّن حمايتها من ضغوطات المتقاضِين، أو أية أطراف لها مصالح في القضايا التي تنظر فيها.
- حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ليس هناك من طرف محايد في العالم ليؤمِّن القوة العسكرية أو السياسية التي تستطيع حمايتها من ضغوطات المتقاضِين أو أية أطراف أخرى عندها استفادة من اغتيال الحريري؛ وبما أن الولايات المتحدة هي المستفيد الأول من اغتيال الحريري ومن باقي الجرائم التي طالت قيادات من 14 آذار ومن التفجيرات التي تمت في مناطقهم السكنية (كما رأينا في الحلقات السابقة)، وبما أن عندها استفادة قصوى وضرورية في أن تُدِين هذه المحكمةُ نظام إميل لحود أو نظام بشار الأسد أو حزب الله أو ثلاثتهم معاً في اغتيال الحريري وباقي هذه الجرائم، حتى ولو كانت بريئة تماماً من هذا الاغتيال وهذه الجرائم، تصبح هذه المحكمة تحت تأثير ضغوطات المسؤولين الأمريكيين لتزوِّر النتائج بما يؤدي إلى إدانة هذه الأطراف، أي تصبح من دون أية مصداقية.       
- مثلاً، إذا افترضنا أن مسؤولين كبار عند حزب الله أو سوريا أو إيران حاولوا ممارسة ضغوطات على أحد القضاة أو المحققين في المحكمة الخاصة بلبنان والذي ينتمي إلى الجنسية الفرنسية أو الألمانية أو الكندية أو غيرها من الدول الغربية الحليفة للولايات المتحدة، فبإمكان أية دولة من هذه الدول، وبكل سهولة، أن تحمي هذا القاضي أو المحقِّق من هذه الضغوطات، لأنه، على سبيل المثال، بمجرد أن تُشيعَ عبر وسائل الإعلام العالمية أنه قد تعرَّض لها من قبل هؤلاء المسؤولين حتى يُعتبَر هذا بمثابة الدليل على تورط هذه الجهات بالاغتيال.
لكن لنتصور أن مسؤولين أمريكيين قد حاولوا ممارسة ضغوطات على هذا القاضي أو المحقِّق؛ فهل الدولة الغربية التي ينتمي إليها ستحميه من هذه الضغوطات، أم على العكس ستشارك بها ؟ وهل الأمم المتحدة أو غيرها من المنظمات الدولية التي يعمل فيها ستحميه من هذه الضغوطات، أم على العكس ستشارك بها ؟ تاريخ هذه الدول وهذه المنظمات يدل على أنها ستشارك بها. 
- أي إن المجتمع الدولي، على صعيد أنظمة الحكم والمنظمات الدولية، الذي، بمعظمه، لا يكتفي فقط بالصمت عن جرائم الولايات المتحدة في العالم بل يحاول أيضاً التغطية عليها أو المشاركة فيها إعلامياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً، فالمرجَّح أنه لن يكتفي فقط بالصمت عن تدخلها في عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بل سيحاول أيضاً التغطية عليه أو تسهيله أو المشاركة فيه. 
- أما عن القول بأن القضاة في المحكمة الدولية هم على درجة كبيرة من النزاهة وأنهم سيكونون استشهاديين في حرصهم على العدالة في مواجهة الضغوطات الأمريكية، فهذا القول هو على درجة كبيرة من السذاجة... فأية محكمة في العالم، ليست نزاهة القضاة فيها هي التي تؤمِّن مصداقيتها بل توفر القوة السياسية أو العسكرية التي تستطيع حمايتها من ضغوطات المتقاضين أو أية أطراف أخرى عندها مصلحة في التدخل في القضايا التي تنظر فيها.
- فيكون القول بنزاهة ومصداقية المحكمة الدولية إما أنه نابع من انجرار وراء سياسة الولايات المتحدة وترداد لأكاذيبها وإما سذاجة وتصديق لادعاءاتها بجلب الحرية والديمقراطية إلى المنطقة.
    
للتوسع أكثر في هذه المقالة انظر: "عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة بلبنان":
للتوسع أكثر في هذا الموضوع انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" الفصل السابع.

الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الرابعة هي عن تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:


عامر سمعان ، باحث وكات
15/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 17/ 2/ 2014. 

الثلاثاء، 12 مارس 2013

حول المساندة الإعلامية للنظام السوري وحزب الله (2)


     سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.  
     الحلقة الثانية هي حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري.
     بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005 حصلت عدة اغتيالات طالت بضع قيادات من فريق 14 آذار، وأيضاً حصلت عدة تفجيرات في مناطق هذا الفريق؛ فشكَّلت هذه الاغتيالات والتفجيرات مادة دسمة من قبل هذا الفريق وحلفائه في الخارج، من أمريكيين ومتأمركين، لتوجيه الاتهام ( سياسياً ) بالقيام بها إلى النظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني؛ كما كان الحال بتوجيههم الاتهام إلى هذا الفريق باغتيال الحريري.
     الرد على هذه الأمر لا يكون بتوجيه الاتهام بالقيام بهذه الاغتيالات والتفجيرات إلى إسرائيل، بل بتوجيهه إلى مصدر العلة أي الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت في إظهار كيف أن المنتمين إلى فريق 14 آذار قد ساهموا بسذاجة من خلال تصريحاتهم في استمرار هذه الأعمال، أي في حفر قبورهم بأيديهم. فيكون الرد كما يلي:
- في الجريمة السياسية من السذاجة أن يتم توجيه الاتهام وفق قاعدة أن مَن كان عدواً للقتيل يكون المتهَم؛ فأي محقق أو قاضٍ يوجّه الاتهام بهذا الشكل لا يصلح أصلاً لأن يكون محققاً أو قاضياً... بل الصحيح والمنطقي أن يتم توجيه الاتهام وفق قاعدة أن المستفيد الأول من الجريمة يكون المتهَم الأول، حتى ولو كان صديقاً أو حليفاً للقتيل.   
- الولايات المتحدة ومن ضمن سعيها للهيمنة على المنطقة كانت تدَّعي العمل على جلب الحرية والديمقراطية إليها في مواجهة الأنظمة القمعية، وقد كانت أفضل طريقة لإثبات وجود نظام قمعي في لبنان خاضع للوصاية السورية ولتقديم نفسها بهذه الصورة هي عبر اغتيال أهم قيادي في المعارضة، أي رفيق الحريري؛ لكي يصار بعده إلى توجيه الاتهام إلى النظام بالقيام بهذا الاغتيال، ويتم إظهاره على أنه أمني وقمعي ودموي.
- بعد ذلك ولكي تحافظ هذه الدولة على صورتها كجالبة للحرية والديمقراطية إلى هذه المنطقة، ولكي تستمر ضغوطاتُها والضغوطاتُ العالمية على النظام السوري وحزب الله وحلفائهما لإلزامهم بتقديم التنازلات أمام فريق 14 آذار، ولكي يقبلوا بالمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري والتي من المفترَض بها أن تزوِّر في عملها بما يؤدي في النهاية إلى إدانتهم بهذه الجريمة؛ فإن أفضل طريقة لذلك كانت بأن تستمر الاغتيالات بحق القيادات من 14 آذار وبوضع المتفجرات في المناطق السكنية التابعة لهم. لأنه من المفترَض أن يَتبع هذه الاغتيالات والتفجيرات ضجةٌ إعلامية عالمية توجّه الاتهام بالقيام بها إلى الفريق الآخر كما كان الحال مع اغتيال الحريري. فتكون هذه الضجة بمثابة الغطاء للضغوطات الأمريكية والعالمية على هذا الفريق.
- لكن العامل الأساسي الذي من شأنه أن يثير ويحرِّك هذه الضجة، هو أن يحدث قبلها ضجة محلية في الداخل اللبناني من قبل الفريق المتضرر، أي 14 آذار، توجّه الاتهام بالقيام بها، أي الاغتيالات والتفجيرات، إلى الفريق الآخر. لأنه في حال العكس، أي في حال عدم توجيههم هذا الاتهام وأن يقرروا مثلاً انتظار نتائج التحقيقات والمحاكمات، فإن الضجة العالمية ستكون أصغر بكثير.
- لذلك، كان قيام المنتمين إلى فريق 14 آذار، بقياداتهم وقاعدتهم الشعبية، بعد دقائق من كل اغتيال أو تفجير، بإحداث ضجة محلية عبر توجيه الشتائم والاتهام بالقيام به إلى النظام السوري وحزب الله وحلفائهما، تصرفاً نزقاً وساذجاً، كونها كانت العامل الأساسي المحرِّك للضجة العالمية اللاحقة التي كانت بدورها توجّه الاتهام إلى هذا الفريق، وتشكِّل الغطاء للضغوطات الأمريكية والعالمية عليه؛ وأيضاً لكونها كانت المحفِّز للأمريكيين للاستمرار بهذه الاغتيالات والتفجيرات، أو حتى لأي طرف غيرهم يستفيد من إضعاف هذا الفريق في مواجهة الضغوطات الأمريكية والعالمية.
- أما عن القول عن النظام السوري وحزب الله وحلفائهما إنهم كانوا يقومون بتلك الاغتيالات والتفجيرات بهدف إرهاب الفريق الآخر وجعله يكف عن التحدث عن "الحرية والسيادة والاستقلال"، فلا أساس له؛ كون هؤلاء كان بإمكانهم أن يلاحظوا الضجة العالمية الكبيرة التي كانت توجّه الاتهام إليهم إثر كل اغتيال أو تفجير وما يستتبعها من زيادة الضغوطات عليهم. إضافة، إلى كون مواقف الفريق الآخر لم تكن تعتمد على ما عندهم من جرأة وشجاعة ووطنية، لكي يكون إرهابهم أمراً قابلاً للتحقيق، بل على دعم خارجي غير مسبوق منذ العام 2003، خاصة مع "قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان" والقرار 1559.     
- أما عن القول عن حزب الله إنه حاول اغتيال النائب بطرس حرب في العام الماضي، فلا أساس له بدوره؛ لأنه ما هي استفادة هذا الحزب من هذا الاغتيال ؟ وإذا افترضنا أنه قُيّض لهذا الاغتيال النجاح في هذه الأوضاع التي تعيشها سوريا؛ فهل كان سيؤدي إلى جعل باقي قيادات 14 آذار وغيرهم من الإسلامويين الداعمين للثورة السورية يرتعبون ويكفّون عن هذا الدعم، أم العكس، أي سيجعلهم يزدادون في دعمهم ؟ وإذا كانوا لم يرتعبوا قبل عدة سنوات حين كان النظام السوري في كامل قوته فهل سيرتعبون الآن ؟ المستفيد الأول من أي اغتيال قد يطال أي سياسي لبناني معارض للنظام السوري، هو أعداء هذا النظام، لأنه سيؤدي إلى إثارة ضجة محلية وعالمية توجّه الاتهام بالقيام به إلى هذا النظام وحزب الله وحلفائهما، وإلى زيادة الضغوطات العالمية عليهم.
    للتوسع في موضوع تلك الاغتيالات والتفجيرات انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة"، الفصل السادس.

الحلقة السابقة كانت حول اغتيال الرئيس الحريري:
الحلقة الثالثة هي حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة هي عن تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة هي حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة هي حول مسألة الوزير السابق ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة هي حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في الداخل السوري:
الحلقة التاسعة هي حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري:
الحلقة العاشرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري:





عامر سمعان ، باحث وكاتب
12/ 3/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.