لا يمكن في أي بلد أو مجتمع تحقيق الديمقراطية
في ظل غياب الثقة في الاستقرار الأمني... أي أنه لا يمكن للدول
العربية أو غيرها من دول الجنوب ترسيخ الديمقراطية من دون أولاً ترسيخ الثقة في
الاستقرار الأمني ...
للتوضيح سنعطي هذا المثال :
الولايات المتحدة، والتي هي الدول الأكثر قوة في العالم، ما أن ظهر تهديد
بسيط لأمنها القومي بعد هجمات 11 أيلول 2001 من قبل تنظيم القاعدة
وغيره من التنظيمات الأصولية المتطرفة، أي بمجرد أن كان هناك تخوف بسيط من توترات
أمنية مستقبلية، حتى كان هناك قوانين كمثل باتريوت آكت وقانون
تفويض الدفاع الوطني وقانون التجسس، التي تتضمن ما يشكِّل انتهاكاً للحقوق
والحريات المدنية للأمريكيين تحت حجة محاربة الإرهاب والمحافظة على الأمن القومي.
فمما تتضمنه هذه القوانين هو السماح للأجهزة الأمنية بالتنصت على المواطنين
الأمريكيين والاطلاع
على المعلومات الشخصية عنهم ومداهمة منازلهم لمجرد الاشتباه أن لهم علاقة بالإرهاب
ومن دون إذن قضائي، وكذلك اعتقالهم إلى أجل غير مسمى من دون توجيه تهمة لهم ومن
دون محاكمة…
أي إنه بمجرد حصول اهتزاز بسيط في الأمن القومي في
الولايات المتحدة حتى كان هناك خطوة مهمة في سوء الممارسة الديمقراطية فيها. فكيف هو
الحال إذاً في الدول العربية وباقي دول الجنوب التي كان ولا يزال الأمن القومي
فيها مهتزاً منذ عشرات السنين...
بكلمة
أخرى، ومن وجهة النظر العلمية، فإن غياب الديمقراطية في أي مجتمع هو أمر ليس
متعلقاً بالتخلف أو الجهل وما شابه، بل هو متعلق بظروف سياسية واجتماعية عامة
تتعلق بالثقة بالوضع الأمني …
أيضاً بكلمة أخرى، الديمقراطية ستبقى غائبة
عن العالم العربي طالما هناك عدم استقرار أمني ناتج عن وجود كِلا: الصهيونية والداعشية...
عامر سمعان، باحث وكاتب
16/ 5/ 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق