سنتطرق هنا ومن ضمن عدة حلقات إلى الخطوط العريضة لخطة عمل إعلامي داعمة
للنظام السوري وحزب الله وحلفائهما في الداخل اللبناني، في ظل الهجمة الإعلامية
الكبيرة التي يتعرضون لها؛ وحيث سيكون بإمكان أي شخص أن يشارك في هذه الخطة من
خلال ما هو متوفر لديه من وسائل إعلام.
الحلقة العاشرة
والأخيرة هي حول الأسباب الموجبة لتقديم الدعم للنظام السوري.
كثيراً ما يُسأل مَن يقفون إلى جانب الرئيس الأسد
عن الأسباب التي تدفعهم إلى ذلك؛ الجواب عن هذا السؤال من الأفضل أن يتناول في نفس
الوقت النقاط الثلاث التالية:
- أولاً، لأن الحرب الدائرة في سوريا هي ليست بين
موالاة ومعارضة، أو حرباً أهلية، أو حرباً ضد تنظيمات أصولية متطرفة، أو غيره...
بل هي أساساً حرباً عالمية بين الموالين للولايات المتحدة والمعارضين لها، وحرباً
بين مَن يؤيدون استمرار زعامتها العالمية ومَن يرفضون استمرار هذه الزعامة.
المعارضة السورية هي منضوية بدورها في هذه الحرب، فباستثناء قلة قليلة منها ترفض العمل
العسكري في مواجهة النظام والتدخل الخارجي وتلتزم بالمعاداة للسياسة الأمريكية،
إلا أن معظم مَن هم في هذه المعارضة يؤيدون العمل العسكري ويرفضون الحوار ويطالبون
ويتوسلون التدخل العسكري الخارجي من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ويتباكون أمام
وسائل الإعلام العالمية بالقول إن المجتمع الدولي يتقاعس في مساعدتهم عسكرياً لأنه
لا يوجد في سوريا ثروات نفطية كما هو الحال في ليبيا ثم يتظاهرون ويقولون "ما
إلنا غيرك يا الله"، وقد صدرت عنهم تصريحات تشير بوضوح إلى معاداة إيران وحزب
الله وإلى الرغبة في التغيير في السياسة الخارجية لسوريا... بالنظر إلى كل هذا،
مَن هو في موقع المعارضة للولايات المتحدة وراغباً في إنهاء زعامتها العالمية يصبح
تلقائياً إلى جانب النظام السوري في هذه الحرب العالمية.
- ثانياً، لأن، ما يتعرّض له النظام السوري من
حملات إعلامية تتهمه بالإجرام والإرهاب ما هي إلا أكاذيب وافتراءات من قبل
الأمريكيين وحلفائهم للتغطية على ما ارتكبوه هم من جرائم وإرهاب في هذه المنطقة.
أهم ما في هذه الأكاذيب والافتراءات هو التالي:
1 - توجيه الاتهام إلى النظام السوري وحلفائه باغتيال الرئيس رفيق الحريري،
بينما الصحيح هو أن الولايات المتحدة هي المتهَم الأول بهذه الجريمة؛ انظر الحلقة
الأولى في هذه السلسلة:
2 - توجيه الاتهام إلى النظام السوري وحلفائه باغتيال قيادات من
١٤ آذار وبتفجيرات في مناطقهم السكنية، بينما الصحيح هو أن الولايات المتحدة
هي المتهَم الأول بهذه الجرائم والتفجيرات؛ انظر الحلقة الثانية:
3 - توجيه الاتهام إلى النظام السوري
وحلفائه بأنهم وراء تنظيم فتح الإسلام، بينما الصحيح هو أن الولايات المتحدة هي
المتهَم الأول بالاستفادة من هذا التنظيم وبتقديم الدعم له؛ انظر الحلقة الرابعة:
4 - توجيه الاتهام إلى النظام السوري بالمسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا
من أحداث أمنية، بينما الصحيح هو أن المعارضة السورية مع حلفائها في الخارج من
أمريكيين ومتأمركين هم المتهَمين قبل غيرهم بالمسؤولية الأساسية عن هذه الأحداث؛ انظر
الحلقة الخامسة:
5 - توجيه الاتهام إلى النظام السوري بالمسؤولية الأساسية عما يجري في
سوريا من جرائم بحق المدنيين واستخدام السلاح الكيميائي، بينما الصحيح هو أن
المعارضة السورية مع حلفائها في الخارج من أمريكيين ومتأمركين هم المتهَمين قبل
غيرهم بهذه الجرائم وباستخدام هذا السلاح؛ انظر الحلقة السادسة:
6- توجيه الاتهام إلى النظام السوري بأنه وراء مخطط سماحة لإشعال فتنة
في شمال لبنان، بينما الصحيح هو أن المعارضة السورية مع حلفائها في الخارج
من أمريكيين ومتأمركين هم المتهَمين قبل غيرهم بتدبير هذا المخطط، أو أن يكون
سماحة بريئاً من هذه التهمة التي تم تلفيقها له من قبل الأمريكيين ومَن معهم؛ انظر
الحلقة السابعة:
- ثالثاً، لأن ادعاءات المعارضة السورية بجلب
الحرية والديمقراطية إلى الشعب السوري هي ادعاءات فارغة، كون ثورات الربيع العربي
لن تؤدي إلا إلى زيادة الفقر والديكتاتوريات أو سيكون هناك ديمقراطية شكلية
مترافقة مع حالة عدم استقرار أمني مستمرة مع ما يترتب عليها من إعاقة النمو
الاقتصادي. ولأنه فيما يتعلق بالوضع السوري، فإن سقوط النظام الحالي لن يؤدي إلا إلى دولة
طالبان جديدة لكن بنسخة عربية؛ بل ستكون أسوأ من دولة طالبان أفغانستان، لأن هذه
الأخيرة وبالرغم من كل سيئاتها كان عندها حسنة واحدة وهي أنها كانت ضد السياسة
الأمريكية، أما دولة طالبان سوريا فستكون تحت المظلة الأمريكية... إضافة فإن
القراءة العلمية للأوضاع في العالم العربي توصل إلى أن تحقيق الاستقرار الأمني
والديمقراطية والنمو الاقتصادي والتطور في بلدانه لا تتحقق من خلال تغيير الأنظمة
الحاكمة أو الإبقاء عليها، بل في السَير في خطة واضحة تؤدي إلى هزيمة الولايات
المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية... انظر الحلقة التاسعة عن هذا الموضوع:
بالتالي، بالنظر إلى هذه
الحرب العالمية التي تجري في سوريا وإلى هذه الحملة من الأكاذيب والافتراءات التي
هي الأضخم من نوعها في التاريخ، وبالنظر إلى النتائج التي ستترتب على سقوط النظام
السوري، يصبح من واجب كل شريف وصاحب ضمير في هذا العالم الوقوف إلى جانب هذا
النظام.
لكن يبقى السؤال: هل من الممكن الانتصار على
الولايات المتحدة في هذه الحرب العالمية في سوريا وهل من الممكن إنهاء زعامتها
العالمية وإلحاق هزيمة كبرى بها ؟ الجواب هو نعم؛ فبالإمكان وضع خطة عامة، أي
إستراتيجيا، تعتمد الوسائل السلمية، أي الإعلامية والسياسية والاقتصادية، تؤدي إلى
تمكين الجيش السوري من بسط سلطة الدولة على الأراضي السورية خلال أسابيع، ثم تؤدي
في المستقبل المنظور إلى عزل الولايات المتحدة سياسياً وانهيار اقتصادها مع كل ما
سيستتبع ذلك من نتائج. هذه الإستراتيجيا سنعرضها بإيجاز في ثلاثية تحت عنوان:
"النظام السوري والخيار الوحيد أمامه للنصر". الحلقة الأولى من هذه
الثلاثية هي تحت عنوان "القوة الحقيقية للمعارضة السورية":
الحلقة الأولى كانت حول اغتيال الرئيس
الحريري:
الحلقة الثانية كانت حول باقي الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت
في لبنان وتم ربطها باغتيال الحريري وصولاً إلى المحاولة الفاشلة لاغتيال النائب
بطرس حرب في العام الماضي:
الحلقة الثالثة كانت حول عدم مصداقية المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري:
الحلقة الرابعة كانت حول تنظيم فتح الإسلام:
الحلقة الخامسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري حالياً في
سوريا من أحداث أمنية:
الحلقة السادسة كانت حول المسؤولية الأساسية عما يجري في سوريا
من جرائم بحق المدنيين واستخدام للسلاح الكيميائي:
الحلقة السابعة كانت حول مسألة الوزير السابق
ميشال سماحة:
الحلقة الثامنة كانت حول الادعاءات بمشاركة حزب الله في المعارك في
الداخل السوري:
الحلقة التاسعة كانت حول ادعاءات المعارضة السورية بجلب الحرية
والديمقراطية إلى الشعب السوري:
عامر سمعان ، باحث وكاتب
22/ 4/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 5/ 10/ 2013.