في الإعلام الحربي، سواء أكان يتم العمل فيه من ضمن
مبادرات منفصلة أم من ضمن خطة متكاملة إستراتيجية، من الضروري التنبه إلى صُوَر
اللباس التي يتم نشرُها عبر الوسائل الإعلامية؛ انطلاقاً من صُوَر الجنود في
الجبهات وأثناء التدريبات والتجهيز وحتى وصولاً إلى صُوَر رئيس الدولة وكبار
المسؤولين فيها.
من ضمن
الأخطاء المهمة التي يتم ارتكابها في الإعلام الحربي في سوريا هو نَشرُ صُوَرٍ
وفيديوهات لجنود على الخطوط الأمامية في الجبهات، ومنهم مَن يطلقون النار من أسلحة
خفيفة ومتوسطة أي من مسافات قريبة، وهم لا يرتدون الخوذَ الواقية للرأس ولا
الدروعَ المضادة للرصاص... كون هذه الصُوَر والفيديوهات من شأنها أن تعطي الانطباع
عما يلي:
1 - أن تكون الدولةُ السورية قد أصبحت تعاني من صعوبات
اقتصادية إلى درجة لا تمكنها من تجهيز الجنود بأهم وأبسط مستلزمات الحماية الشخصية
أثناء وجودهم في الجبهات.
2 - أن يكون الضباطُ وكبار المسؤولين العسكريين السوريين
قد أصبحوا غير قادرين على ضبط الجنود على الجبهات بالشكل الصحيح وإلزامهم بالتقيُّد
بأهم وأبسط مستلزمات الحماية الشخصية.
3 - هذين الأمرين معاً.
لتوضيح الفكرة
أكثر عن أهمية صوَر اللباس في الإعلام الحربي سنتناول هذين المثلين:
- المثل الأول عن مجاهدي حزب الله.
كان الإعلامُ الإسرائيلي قد اعتمد ماضياً
الترويجَ لفكرة أن المقاتلين الفلسطينيين على الجبهات يرتدون الكوفيات على رؤوسهم
وليست الخوذ؛ حتى أن التعليمات التي كانت تُعطى للجنود أثناء الحروب الإسرائيلية
في لبنان هي أنه في حال تعذَّرَ التمييزُ بين الفلسطيني والإسرائيلي في ظروف سوء
الرؤية الناتجة عن الظلام أو غيره، فيكون الإسرائيلي هو مَن يرتدي الخوذة ويكون
الفلسطيني هو مَن يضع الكوفية... ولاحقاً بعد أن استلمَ حزبُ الله جبهةَ الجنوب
اللبناني، كان في قيام الإعلام التابع له بنشر الصور والفيديوهات عن مقاتليه في
الجبهة وهم يرتدون الخوذَ والدروعَ الأثرُ المهم على إضعاف المعنويات في الداخل
الإسرائيلي كما في تحسين صورة المقاومة الإسلامية وزيادة الدعم والتأييد لها في
لبنان وخارجه.
- المثل الثاني عن الرئيس بشار الأسد.
عَمَدَ الرئيسُ السوري منذ بداية الأحداث
السورية، وأكثر الأحيان، على الظهور بالبدلة الرسمية وبكامل أناقته، بالرغم من
الحرب الطاحنة التي تدور في معظم المناطق السورية. فكان هذا التصرف من قبله صائباً
وذكياً ومن ضمن الحرب الإعلامية؛ وذلك لإعطاء الانطباع بأن القيادة السورية هي
مرتاحة على وضعها حتى بالرغم من الاشتباكات القريبة من العاصمة؛ وأيضاً لكون ظهور
رئيس الدولة بشكل مغاير، أي بالبدلة العسكرية، من شأنه أن يعزز ادعاءات المعارضة
وحلفائها الخارجيين بوجود حكم عسكري وغير ديمقراطي في سوريا.
أخيراً ، واعتماداً على ما تَقدَّم، المفترَض
بجميع مَن يَعملون على تقديم الدعم الإعلامي للنظام السوري أن لا يَنشروا، في
وسائلهم الإعلامية والتي من ضمنها مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، صوراً أو
فيديوهات للجنود السوريين في الجبهة وهم لا يرتدون الخوذَ والدروع.
عامر سمعان، كاتب وباحث
12/ 5/ 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق