قام برنامج "أحمر بالخط العريض" على شاشة "المؤسسة
اللبنانية للإرسال" بعَرضٍ لحلقة تم فيها انتخابُ ملكة جمال البدينات العرب
2015.
هذه الحلقة
من حيث الفكرة هي جيدة جداً، لما يلي:
- أولاً، لجهة إظهار خطأ مفاهيم الجمال العالمية التي
تشدد كثيراً على نحافة الفتيات وبشكل يُرهِقُ كاهلهن لكي يَظهرن أنهن نحيفات وفق
هذه المعايير، وأيضاً بشكل قد يُولِّدُ عُقَداً نفسانية وصعوبات اجتماعية عند
البدينات.
- ثانياً، لجهة إظهار إن الفتيات البدينات قد يتمتعن بشكل
كبير بالحضور القوي والشخصية الجذابة والجمال والإثارة والنجاح المهني والقدرة على
إقامة العلاقات الاجتماعية الناجحة، وحتى إلى درجة تفوقهن على النحيفات.
- ثالثاً، لجهة إظهار إن معايير الجمال، خاصة نحافة
الفتيات، تبقى دائماً مرتبطة بمفاهيم اجتماعية آنية أو نسبية، وأنه في حال التحرر
من هذه المفاهيم فسيكون هناك معاييرٌ أخرى توصل إلى أبعاد أكثر أهمية للجمال.
بالنظر إلى
هذه الأسباب، تكون هذه الحلقةُ من حيث الفكرة، وكما قلنا، هي جيدة جداً. لكن
المشكلة الكبيرة، بل المصيبة، كانت في الإخراج، وبالتحديد فيما يتعلق بلباس البحر
للمتباريات. فالقاعدة المتَّبَعة، والمنطقية، في كل مباراة الجمال هي أنه في حال
كان ثمة استعراض للمتباريات بلباس البحر فمن الضروري أن يكون موحَّداً من حيث
الشكل واللون ودرجة الاحتشام، أي في مدى إظهاره أو إخفائه للجسد.
وهذا الأمر
الأخير، أي درجة الاحتشام، هو ما لم يكن متَّبَعاً في هذه المباراة.
فإذا كان
لدى بعض المتباريات، في أية مباراة للجمال، اعتراضٌ على درجة احتشام لباس البحر، لدواعٍ
أخلاقية أو دينية أو غيرها، فالتصرف المنطقي يقتضي إما إخراجهن من المباراة وإما
اختيار تصميم آخر من شأنه أن يُرضي جميع المتباريات.
في هذه
المباراة موضوع حديثنا، كان يوجد فيها تسعُ متباريات من لبنان وثلاثٌ من دول عربية
أخرى. من حيث درجة الاحتشام في لباس البحر لديهن، وفيما يتعلق باللبنانيات فإلى
حدّ ما كان يوجد تساوٍ فيما بينهن. أما عن الباقيات، فواحدة منهن كان لباسُها
مشابهاً لما هو عند اللبنانيات. لكن المشكلة كانت عند المتباريتَين الأخريتَين،
فقد كان يوجد احتشام كبير لديهما (بالنظر إلى وجود ما يشبه التنورة فوق لباس
البحر) مقارنة بلباس اللبنانيات.
بالتالي،
يكون استعراض كل هؤلاء المتباريات بهذا الشكل من لباس البحر، من شأنه أن يوصِلَ،
أو يعزِّزَ، الفكرةَ عن أن لبنان هو بلدُ التَفَلَّت والانحلال الأخلاقي مقارنة
بباقي الدول العربية. وهذا الأمر هو بالطبع هو غير صحيح، كونه في كل الدول العربية
يوجد فيها التَفَلَّت والانحلال الأخلاقي.
بالتالي،
تكون هذه الحلقة من برنامج "أحمر بالخط العريض" هي مُهينة للبنان، بشعبه
وثقافته وعاداته ومفاهيمه؛ كما أنها بالطبع مُهينة للمتباريات اللبنانيات اللواتي
اشتركن فيها.
نأمل أن لا
تتكرر مستقبلاً هذه الأخطاء التي تصدر عن بعض محطات التلفزة اللبنانية والتي
تُظهِر القَيِّمين فيها وكأنهم لا يزالون مبتدئين في العمل الإعلامي؛ والتي ضَرَرُها
لا يلحق فقط بهذه المحطات بل بكل لبنان.
عامر سمعان، كاتب وباحث
7/ 5/ 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق