ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الأربعاء، 28 يناير 2015

شعر غزل ( 9 )


في خُضَرِ عينيكِ وَطنٌ ما بَرِحَ متألِّقاً يُغريني

لأركُضَ في غاباتِه باحِثاً عمَن هي كُلِّ حَنيني

لأنامَ بين عُشبِهِ حالماً بالتي هي فاتنتي

لأقطُفَ من زَهرِهِ باقةً وذكرياتٍ تَجمَعُني بمَن كانت مَلِكَتي.

.....................................

"ماريانا"

حُوريةٌ يَحمِلُكَ سِحرُها إلى عالَمِ ألوان

جَسدُها مُتناسِقٌ مُبهِجُ يَنسابُ بافتتان

بَياضُها كثلوجِ جَبلِ الشَّيخِ في لمعان

تَخطِفُ الأنظارَ وتُطرِبُها بأجملِ ألحان

تَتَألقُ فارِسةً بعذوبَةٍ على ظَهرِ حِصان

تَغارُ منه الجِيادُ لمشاهدتِه شامِخاً بحوريتِهِ منطلِقاً مغرِّداً بحنان.

.....................................

قالت قَدِّم ليَ من جَميلِ الوَردِ الأحمرِ باقةً

وكن مجنوناً في فنونِ الحبِّ وألاعيبه مثلي

فَتَسللتُ ليلاً إلى غرفتِها لأجعَلَ لها مفاجأةً

وغَطَّيتُ فراشَها بالورودِ مُظهِراً غَرائبَ غَزلي...

فانقطَعَت الكهرباءُ لارتَبِكَ من الخوفِ صَدمَةً...

فإذا بذراعينِ ناعمتينِ تَحوطاني، وصَوتٌ يَهمِسُ ضاحكاً مهما علا جنونُكَ فلن يكونَ

مثلي...

.....................................

عامر سمعان

الجمعة، 23 يناير 2015

إسرائيل... هنيئاً لها بالنصر الجديد

     في إحدى الحفلات الممهِّدة لمباراة انتخاب ملكة جمال الكون في ميامي، وحين كانت ملكة جمال لبنان، سالي جريج، تلتقط الصور مع أخريات، أتت ملكةُ جمال إسرائيل، من الخلف ومن دون أن تُظهِر وجهها أو وشاحها، لتجلس أمامهن وتطلب التقاط صورة "سيلفي". وبما أنه في هذه الحفلات يكون هناك كمٌّ كبير من المصورين والتصوير، فكان من الطبيعي أن توافق الملكة اللبنانية على التقاط الصورة، كونه لم يتسنَّ لها الوقت لأن ترى وجهَ وتعرف هوية التي طَلبَت منهن التصوّرَ معها، وفي برهة لم تتجاوز الثانية أو الثانيتين.
     وكانت سالي جريج قد أوضحَت في تصريحاتها عن الصورة، بما معناه، أن هذا ما حصل معها، كما كانت قد أوضحَت أنها ملتزمة بقوانين بلدها لبنان التي تمنع التعامل مع الإسرائيليين. وأيضاً ملكة جمال مصر كانت قد صرَّحت برفض جريج التصوّر مع ملكة جمال إسرائيل بعدما عرفت أنها الإسرائيلية، أثناء مباراة انتخاب ملكة جمال العالم التي جرت قبل ذلك في لندن. والملكة الإسرائيلية نفسها كانت قد صرَّحت بدورها بالأمر نفسه. كما أن مدير شركة "وِي غروب" القائمة بإدارة أعمال ملكة جمال لبنان صرَّح بأن صورة "السيلفي" تلك حصلت كما ورد أعلاه، وأن جريج قالت لهم عدة مرات إنه منذ وصولها إلى تحضيرات مباراة ملكة جمال الكون في ميامي والملكة الإسرائيلية تحاول كثيراً التصوّرَ معها بالرغم من معرفتها المسبقة برفضها لهذه الصورة.
     وبرغم كل ذلك لا تزال الضجة قائمة في لبنان، وخارجه في العالم العربي، متهِمةً جريج بقلة الوطنية والخيانة أو بالجهل الكبير والغباء وقلة الثقافة. وبنتيجة هذه الضجة وصلت الأمورُ إلى وسائل إعلامية عالمية لتتهم لبنان بأنه بلد الكره والعدائية الذي يريد نقل العدائية إلى مباريات انتخاب ملكات الجمال والتي يفترَض بها أن تكون مناسبات للتلاقي والسلام.  
     طالما الصورةُ تُظهِر بوضوح أن الإسرائيلية موجودة أمام الأخريات، وطالما ليس بالأمر الصعب أن تقوم إحداهن بخداع غيرها لالتقاط صورة "سيلفي" في أجواء التصوير الصاخبة الموجودة عادة في تلك الحفلات، وطالما قد صدرَت كلُّ تلك التصريحات التي توضِّح ملابسات هذه الصورة؛ فعلامَ كل هذه الضجة التي من شأنها تدمير سمعة ومستقبل ملكة جمال لبنان وتجعلها عاجزة عن القيام بأي نشاط وطني أو إنساني خلال فترة بقائها ملكة، والتي من شأنها أيضاً تشويه صورة لبنان وإظهاره كعاجز عن المشاركة الفاعلة في المباريات العالمية لملكات الجمال ؟
     والذين كانوا قد تسرَّعوا في إطلاق حملة الشتائم والسخريات والتخوين بحق سالي جريج عبر وسائلهم الإعلامية أو مواقع التواصل الاجتماعي، ألا يُفترَض بهم بعد أن توضَّحت الصورةُ لهم أن يعتذروا عما بَدَرَ منهم ؟ هذا إذا كانوا يمتلكون ذرة من الضمير أو الوطنية أو الإحساس بالمسؤولية.
     ملكة الجمال، في أي بلد في العالم، هي ليست مجرد "باربي" للاستعراض، بل هي سفيرة لبلادها ورمزاً وطنياً بكل ما للكلمة من معنى. فمن خلال الكمّ الكبير من تسليط الأضواء عليها يصبح بإمكانها القيام بنشاط إنساني أو وطني قد يعجز عنه الكثيرون. فلا أحد ينكر نتيجةَ تسليط الأضواء، في عالَم الإعلام، على أي شخص من حيث تكبير حجمه وسماع ونفاذ كلمته. حتى ولو كانت ملكة الجمال محدودة الخبرة أو الثقافة، إلا أنه من خلال وجود فريق عمل جيد مساعد لها يبقى بمقدورها القيام بنشاط فاعل إنساني أو وطني. فكيف إذا كانت هي أصلاً على مقدار مهم من الثقافة والوعي كمثل حال سالي جريج ؟ أي إنه يُفترَض في أي بلد في العالم حماية ملكة الجمال، خلال فترة بقائها ملكة، من الإشاعات؛ وليس تدميرها من خلال الإشاعات.    
     في العام 1993، حصلت صورةٌ جمعت بين ملكة جمال لبنان في ذلك الوقت ونظريتها الإسرائيلية، فقامت على أثرها ضجةٌ طويلة - عريضة في لبنان واتهامات بالتخوين والشتائم للملكة، وكان هناك محاولات لمحاكمتها... ولم تهدأ الأمور إلا بعد تدخلات من قبل مرجعيات سياسية كبيرة... ومنذ ذلك الوقت فإن أول درس يُعطى إلى مَن تُنتخَب ملكة جمال لبنان، من قبل الجهات الراعية، هو أنه عليها، أثناء مشاركتها في مباريات انتخاب ملكات الجمال في العالم، أن تتجنب تماماً أي سلام أو كلام أو تعامل أو تصوير مع ملكة جمال إسرائيل... هذا الدرس يتم ترداده على مسامعها عشرات ومئات المرات... فإذا افترضنا أن أية ملكة جمال في لبنان هي بالفعل غبية فهل من المعقول، بعد كل هذا، أن تقبَل أن تتصوَّر مع ملكة جمال إسرائيل ؟ وإذا افترضنا أنها عميلة لإسرائيل، فهل من المعقول أن تخدم هذه الدولة بهذه الطريقة الغبية، أي التصوّر مع نظريتها الإسرائيلية، بما يؤدي إلى تدمير سمعتها ومستقبلها في لبنان ؟
     لو كنتُ أنا مسؤولاً أمنياً أو سياسياً في إسرائيل، وشاهدتُ نتائج صورة 1993، لكنتُ سأعطي تعليمات إلى كل ملكة جمال في إسرائيل أن تحاول شتى الوسائل للتصوّر مع ملكة جمال لبنان ثم نشر الصورة، بهدف تدمير سمعتها ومستقبلها وتشويه صورة لبنان.
     فسواء أكانت ملكة جمال إسرائيل الحالية قد قامت بالتقاط صورة "السيلفي" تلك مع نظيرتها اللبنانية وأخريات، بناءً على تعليمات من قبل جهة ما أمنية أو سياسية في إسرائيل، أم بناءً على تصرف شخصي منها... ففي الحالتين قد حققت إسرائيلُ نصراً مهماً إعلامياً وسياسياً جاء على أهون سبيل... فهنيئاً لها.
     وهنيئاً أيضاً لجميع اللبنانيين وأشقائهم العرب الذين أثاروا ضجة كبيرة مستنكِرة عن هذه الصورة، فقد أثبتوا أنهم شعب من الأغبياء والمساطيل والمهابيل "وبيغرَق بشِبر مَي".   


عامر سمعان، كاتب وباحث
23/ 1/ 2015

الأربعاء، 21 يناير 2015

قصص من الأحداث السورية ( 1 )


     "براء عنتر" طفلة عمرها عشر سنوات، تدرّس الأطفالَ في مخيم يسكنه 400 نازح سوري يسكنون 50 خيمة منصوبة وسط أرض زراعية في بلدة كترمايا في جبل لبنان.
     منذ أن نزحت عائلتها قبل ثلاث سنوات عن بلدتها كفربطنا في ريف دمشق بسبب الحرب الدائرة هناك وحطت رحالها في المخيم، في رحلة نزوح شملت أكثر من محطة، وبراء تثابر على تعليم أطفال المخيم الذين حرموا من تلقي تعليمهم الأولي.
     وفي جو بارد أقامت براء صفاً دراسياً تحت شجرة سنديان في طرف المخيم. كانت تعطي درساً باللغة الفرنسية لعشرة تلاميذ، وهي التي تتمتع بشخصية فيها مزيج من وقار الكبار وتسامح الأطفال لها. وتملك من الحب في قلوب تلاميذها ما يمكنها من فرض الانضباط أثناء الحصص.
     لكن "الآنسة" براء كما ينادونها تجيد دور المعلمة، فهي تُحضِّر ملفات تلاميذها بمنتهى الدقة وتهيّئ لهم الأسئلة كل على ورقته التي تحمل اسمه، ولا تنسى أن تزين ملفات التلاميذ برسومها اليدوية تضعها فوق طاولة خشبية مهترئة تتراقص يُمنة ويُسرة.
     أما مقاعد التلاميذ التقليدية فقد استبدلتها براء بحكم الظروف القاهرة بصفوف من الأحجار. كما استعاضت عن لوح الحائط بالرسم بإصبعها في الهواء لتصوير كيفية كتابة الأحرف.
     وتقف فتاة صغيرة اسمها رندلى لتقول للمعلمة "آنسة أنا عملت فرض الأبجدية"؛ وتضيف "أنا أحب درس الآنسة براء فهي تعلمنا من دون أن تصرخ علينا".
     وفي الاستراحة وقبل الانتقال إلى درس اللغة العربية قالت براء رداً على سؤال لـ"رويترز" عن الهدف من تعليم الأولاد "لأني أحبهم ولا أريد أن يصبحوا جاهلين أدرسهم ما درسته أنا في المدرسة في سوريا."
     هي وإن كانت مدرّسة في المخيم لكنها تلميذة في نفس الوقت إذ أنها تذهب يومياً إلى مدرسة البلدة بدوام مسائي.
     تختصر الأجوبة وعيناها ترمقان تلاميذها الذين ينتظرونها بفارغ الصبر وتقول "في لبنان تعلمت الفرنسية وأحببتها وصرت أدرسها للصغار وأعلمهم بالفرنسية كل ما أتعلمه."
     تشكو المعلمة الطفلة غياب أي دعم من أي جهة "نكتب على وجهَي الورق وليس لدينا أقلام بعدد التلاميذ، لأن لا أحد يشتري لنا دفاتر ومستلزمات التدريس". وللمصادفة ينادون في المخيم على براء فقد حضر أحد الصحفيين حاملاً هدية لها، لوحاً صغيراً وعشرات الدفاتر وأقلام الرصاص والتلوين والبرايات والمحايات والكرتون والمساطر.
     ويقول الصحافي الذي رفض ذكر اسمه "لأن براء أثرت بي كثيراً عندما رأيتها خلال زيارتي للمخيم قبل يومين وهي تعطي الدروس لرفاقها بكل جدية وتمكّن وقررت أن أتبرع لها بعدما شعرت بحاجتها الماسة للوح والدفاتر والقرطاسية".
     طارت براء من الفرحة عند استلامها هبة الصحفي وأسرعت نحو "الصف" قائلة "أنظروا ماذا أحضروا لنا"، جمعت الأوراق البيض من أيدي الأطفال ووزعت عليهم الدفاتر الجديدة وأقلام الرصاص والتلوين والقرطاسية ثم طلبت الهدوء "هيا نكمل الدرس"، ثم طالبتهم بنسخ الأحرف الأبجدية لأكثر من مرة كما قامت بتهجئة اسم كل منهم وكذلك أسماء المدن السورية الكبرى.
     وقالت إن أغلى أمنياتها "أن تنتهي الحرب بسوريا وأن أعود مع أهلي إلى البيت والى مدرستي هناك إذا لم نعد لسوريا سنصبح مثل الفلسطينيين بدون بلاد. مستحيلة الحياة هنا... أشعر أنني أسكن في البريّة".
(نقلاً عن رويترز وجريدة النهار)

عامر سمعان ، كاتب وباحث
21/ 1/ 2015

الجمعة، 16 يناير 2015

شعر غزل ( 8 )


لَبوَتي "نور"

تَتمشى نُورُ أمامي كلَبوَةٍ شَرِسةٍ رائعة

تَشمَخُ بجمالِها وتَجذِبُني نحوَها بحميمة

تُضِيءُ بَشَرَةٌ لها بيضاءُ بابتسامةٍ ناعمة

يُشِعُّ الجَمالُ حينما تَزأرُ بنغماتٍ لذيذة 

كم يَطيبُ الافتِتانُ بزَئيرٍ من شفاهِها الوردية وبسِحرٍ من قامتِها الباسِقة.

.....................................

مَلاكي وساحرتي من كوكبٍ بعيدٍ أتيتِ

قَطعتِ المسافاتِ لتكوني عندي صغيرتي

مَررتِ على نجومٍ كثيرةٍ لكنكِ تجاهلتِ    

وعلى إضاءاتٍ كونيةٍ فما قد اهتممتِ

اخترتِ عالمنا لأصبحَ أنا مَن أحببتِ

فما أن رَسَوتِ على كوكبِنا حتى كان قلبي ووجودي مَن لمستِ.

.....................................

قالت لي أنا جميلةٌ في صُوَري كما على حقيقتي

فأحببتُ السَفَرَ في صورتِها عسى أنها مُلهمتي

فوجدتُ الصُورةَ تتكلمُ وتقولُ تعالَ إلى رفقتي

غَيرُك قد تَغزَّلَ بي أو حِلمَ الدخولَ إلى غرفتي

فقَبَّلتُ الصورةَ، لأرى زهوراً قد مَلَأتْ مخيلتي

لأشعُرَ بطيورٍ وجِيادٍ تَحمِلُني إلى عالَمِ عشيقتي... 

التقينا بعد أيامٍ، فنظرَتْ بإغراءٍ قائلةً، لماذا إحساسي أنكَ قَبَّلتَ كثيراً صورتي ؟  

.....................................

عامر سمعان

الاثنين، 12 يناير 2015

فرض تأشيرة دخول على السوريين إلى لبنان


     يوجد حالياً في لبنان حوالي مليون ونصف نازح سوري، أي 37,5 % نسبة إلى تعداد السكان، وهي أكبر نسبة من اللاجئين في التاريخ الحديث.
     ما يترتب على هذا الوضع ليس فقط صعوبات اقتصادية منهكة على لبنان ومشاكل أمنية، بل أيضاً تهديد خطير للأمن القومي فيه. إذ إن قسماً مهماً من هؤلاء النازحين هم بيئة حاضنة للنصرة وداعش؛ تماماً كما هناك بيئة حاضنة لهذين التنظيمين داخل المجتمع اللبناني نفسه.
     وهذا يعني وجود احتمال كبير أن يحاول هذان التنظيمان استغلال هذا الواقع لإشعال الداخل اللبناني بفتنة طائفية والضغط عسكرياً على النظام السوري وحزب الله.
     وفي حال حصول هذا الأمر، مما سيترتب عليه هو ليس فقط تكبيل حزب الله عسكرياً في الداخل السوري، بل أيضاً تحول الأراضي اللبنانية إلى ممر لكافة أشكال الدعم العسكري وغيره إلى المعارضة السورية المسلحة... والذي من نتائجه هو تزايد الضغط العسكري على جبهات دمشق والقلمون وحمص، وفتح جبهة الساحل السوري، وغيره...
     وبكلمة أخرى، تصبح مسألة سقوط النظام السوري أمراً غير مستبعَد.
     لا يحتاج الأمر إلى عبقرية إستراتيجية لإدراك أن أسهل طريقة لإسقاط النظام السوري، أو ربما الطريقة الوحيدة الممكنة، هي في تفجير فتنة طائفية في لبنان؛ عبر استغلال الحاضنة الشعبية للنصرة وداعش والموجودة في الكثافة العالية للنازحين السوريين كما في المجتمع اللبناني...
     وغني عن البيان، أن مَن استطاع إقامة دولة داعش من حلب إلى بغداد بسرعة قياسية، لن يصعب عليه تفجير هذه الفتنة في حال توفر البيئة الحاضنة وبالحجم المطلوب.
     انطلاقاً من خطورة هذا الواقع يجب فهم أية محاولات من قبل الدولة اللبنانية لتقييد عدد السوريين الداخلين إلى لبنان، كمثل ما قامت به من فرض تأشيرة الدخول، والتي يصح وصفها بإجراءات تنظيمية عبر الحدود.
     قسمٌ من الذين اعترضوا على فرض التأشيرة، حجتهم هي أنه على اللبنانيين أن يتعاملوا مع النازحين السوريين تماماً كما تعامل السوريون مع النازحين اللبنانيين في حرب تموز 2006.
     الواقع، أن هذه الحجة هي غير منطقية، بل استخفاف بالعقول. ففي تلك الحرب بلغ مجمل النازحين اللبنانيين إلى سوريا 180 ألفاً، بحسب الأمم المتحدة. ولم يَبقوا في سوريا لأكثر من بضعة أسابيع.
     أيضاً كان يوجد في سوريا في ذلك الوقت لاجئون عراقيون حوالي مليون وأربعمائة ألف (في أقصى حالاتهم). فإذا اعتبرنا أن عدد سكان سوريا كان 18 مليوناً عام 2006 (من دون احتساب من هم في الخارج)، فيكون مجمل اللاجئين العراقيين واللبنانيين في سوريا آنذاك هو ما بين 8 إلى 9 % نسبة إلى تعداد السكان. وهم لم يكونوا مشكلين لأية بيئة حاضنة لتنظيمات إرهابية أو دول معادية، أي غير مشكلين لأي تهديد للأمن القومي في سوريا.
     بينما في لبنان، فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجَلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حتى نيسان 2014 أكثر من مليون، أي أكثر من 25 % نسبة إلى تعداد السكان البالغ حوالي أربعة ملايين؛ وهذه أكبر كثافة للاجئين في التاريخ الحديث بحسب هذه المفوضية. وفي حزيران من هذا العام أصبح عدد هؤلاء اللاجئين، بحسب هذه المفوضية، أكثر من مليون ومائة ألف، بين مسجلين ومن هم في انتظار التسجيل. وفي تموز 2014 قدرت الأممُ المتحدة أن يتجاوز عددهم في نهاية العام المليون والنصف. وهذا أيضاً ما أصبح يقوله عددٌ من المسؤولين اللبنانيين منذ ذلك الوقت بأن تعداد السوريين في لبنان، المسجلين كلاجئين وغير المسجلين، هو في هذا العدد.
     إضافة، في عام 2007 قامت سوريا بفرض تأشيرة دخول على العراقيين للحدّ من توافدهم إليها (ثم عادت وألغت هذا التدبير على السياح العراقيين في العام 2013). أي إنه في سوريا وحيث لم يكن تزيد نسبة اللاجئين العراقيين عن 8 أو 9 % نسبة إلى تعداد السكان، ومن دون وجود أي تهديد للأمن القومي ناتج عن وجودهم، قامت بفرض تأشيرة الدخول عليهم بالنظر فقط إلى الصعوبات الاقتصادية التي ترتبت على وجودهم.
     إذاً، كيف هو الحال مع لبنان مع وجود 37,5 % من النازحين السوريين نسبة إلى تعداد سكانه، مع ما يترتب عليهم من صعوبات اقتصادية خانقة وتهديد أمني بالغ الخطورة على كلا البلدين، فهل هو بالأمر العجيب والغريب قيامه بفرض تأشيرة الدخول للحدّ من توافدهم إليه ؟؟؟؟؟  
     الاعتراض الوحيد المنطقي على فرض تأشيرة الدخول هو أنها لم تتم بالتنسيق مع السلطات السورية. لكن علينا أن لا ننسى أن التنسيق بين الدولتين هو مفقود أيضاً في الكثير من المسائل المهمة منذ بداية الأحداث السورية. فما هو السبب ؟
     الجواب، هو أنه يوجد في لبنان انقسام أفقي، أي في القواعد الشعبية، وعمودي، أي عند من هم في السلطة؛ بين فريقين، واحد مؤيد للنظام السوري وآخر مؤيد للمعارضة. أو بالأحرى بين فريقين، وطني (عروبي) ومتأمرك.
     وهذا الانقسام، يعود إلى العام 2005 منذ اغتيال الرئيس الحريري. فالحرب العالمية التي تجري في سوريا وتستهدف محور المقاومة هي ابتدأت عسكرياً في 2011، لكنها كانت قد ابتدأت إعلامياً وسياسياً منذ اغتيال الحريري.
     بنتيجة هذا الاغتيال والحملات الإعلامية والسياسية التي مهَّدت له ورافقته، من قبل الأمريكيين والفرنسيين ومَن معهم؛ حصل ذلك الانقسام بين فريقين في لبنان، في القواعد الشعبية كما في السلطة. وحصل أيضاً كرهٌ غير مسبوق بين السنة والشيعة في العالم العربي، مهَّد إلى عنف دموي _ طائفي بينهما غير مسبوق في العراق، وإلى كره وعداوة متبادلة على امتداد العالمين العربي والإسلامي. فمن الأهداف الأساسية لاغتيال الحريري، أي من ضمن استفادة الولايات المتحدة من هذا الاغتيال، كان ضرب محور المقاومة وخلق هكذا عداوة بين السنة والشيعة في هذين العالمين... (كنتُ قد كتبتُ وشرحتُ كثيراً عن هذا الموضوع، وللأسف "العرب لا يقرؤون...").
     وكما كان قد حصل بنتيجة هذه الحرب العالمية ذلك الانقسامُ في لبنان بين فريقين، أيضاً حصل انقسامٌ داخل المجتمع السوري بين فريقين، وطني ومتأمرك. لكن هذا الانقسام لم يبرز برأسه إلا في العام 2011 وتحت شعارات الربيع العربي وثورة الياسمين؛ للأسباب المعروفة. 
     في النهاية، أصبح من الواضح أنه المفترَض بأي سياسي وإعلامي في سوريا ولبنان وفي أي مكان آخر يَعتبر نفسه أنه من ضمن محور المقاومة أو مؤيد له، التعاطي مع موضوع فرض التأشيرة على السوريين استناداً على ما هو وارد أعلاه؛ خاصة لجهة الضرورة الأمنية الفائقة، لكلا لبنان وسوريا، لفرض ضوابط صارمة للحدّ من توافد السوريين إلى لبنان، إن من خلال تدبير فرض التأشيرة أو غيره.
  
 
عامر سمعان ، كاتب وباحث
12/ 1/ 2015

الجمعة، 2 يناير 2015

شعر غزل ( 7 )


قالت لا ترسل ليَ رسائلَ وزهور

أنا لستُ كالصغيرة تلهو بحبور

أنا لبوةٌ يَعشَقُني الرجالُ ونمور

ملكةُ غابةٍ تَلهَفُ قلوبٌ تراني فيها ماشيةً، وتَحسُدُني النسور.

.....................................

تَقُصِّينَ شَعرَكِ الأشقَرَ قَصيراً كالصبيان

تَركَبينَ الدراجةَ فيُلاحِقُكِ شَغَفي كوَلهان

يَجولُ ناظري متلَهِّفاً فتَجذِبَهُ الشفتان

حِمرَتهُما ناعِمةٌ تُذَكِّرُني بِطَعمٍ من رَيحان

تَبتَسمانِ لي بلُغزٍ وكلام فتُغرياني بالقولِ هل نحنُ عاشقان ؟

.....................................

"ريما"

حسناءُ جنوبية تَفوحُ منها أطايبُ عسلية

تَحمِلُكَ إلى عطرِ الليمونِ وألحانٍ جبلية

يَحلُمُ عشاقُها ولو بنظرةٍ منها حميمية

فتتلاعَبُ بقلوبِهم كطفلةٍ تتسلى بعبثية

وتُنشِدُ بدلالِها أنا ألوانُ ونغماتُ الليطاني أنا زهرةٌ جنوبية.
.....................................

عامر سمعان