ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

خطأ المقايضة لتحرير أسرى الجيش


     بعد أن أسَرَت النصرةُ وداعش مجموعةً من عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي أثناء معارك عرسال في آب الماضي واشتراطهما للإفراج أن تتم المقايضة مع سجناء إسلاميين محتجزين في لبنان وآخرين من المعارضة السورية محتجزين لدى النظام السوري... زادَت المطالباتُ لتنفيذ هذا الأمر من قبل أهالي الأسرى وعدد من السياسيين في لبنان وغيرهم. وحجة كل هؤلاء هي أنه في كل دول العالم تتم مقايضات من هذا النوع، وحتى أقوى الدول في العالم قد تعتمد المقايضة لتحرير أسراها.
     في الواقع هذه الحجة هي في غير مكانها، فالمقايضات من هذا النوع تصح في حال كانت لن تؤدي إلى إخلال في الأمن القومي في البلاد. أما إذا كانت ستؤدي إلى هذا الأمر، أي إلى تدهور الوضع الأمني (أو الزيادة في تدهوره)، فيكون الصحيح هو البحث عن خيارات أخرى.
     يوجد في لبنان: ضعف في هيبة الدولة نتيجة الانقسام السياسي، وقلة تجهيز للجيش بالرغم من تدريبه الجيد، وحاضنة شعبية مهمة للنصرة وداعش لدى قسم من اللبنانيين وقسم من النازحين السوريين والفلسطينيين، وخلايا نائمة من ضمن كل هؤلاء. هذان التنظيمان، مصلحتهما هي في إشعال لبنان في فتنة طائفية للضغط على النظام السوري وحزب الله؛ وهذه هي أيضاً مصلحة الكثير من الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة...
     بالتالي، أن يتم الإفراج عن محتجزين إسلاميين كانوا قد اعتدوا على الجيش اللبناني أو حاولوا إقامة إمارات إسلامية في إطار صفقة الإفراج المقترَحة، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى الزيادة: في التدهور في هيبة الدولة، وفي تشجيع تلك الحاضنة الشعبية للنصرة وداعش وما فيها من خلايا نائمة على التمرد على سلطة الدولة والاعتداءات على الجيش ومحاولة إقامة إمارات إسلامية، وفي تشجيع هذين التنظيمَين والكثير من الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة للسَير في هذا النهج.
     بل أكثر من ذلك، فإن هذا الإفراج سيؤدي إلى الزيادة في حجم هذه الحاضنة الشعبية. لأن أي نصر ميداني تحققه داعش، في لبنان أو سوريا أو العراق أو في أي مكان آخر، سيفسَّر على أنه "نصر إلهي" عند مَن عندهم الاستعداد لذلك. كمثل ما كان قد حصل بعد قيام دولة داعش.
     وكل هذا يعني دخول لبنان في المجهول والاحتمال الكبير لتدهور الوضع الأمني. فهل يصح إدخال لبنان في فوضى أمنية طويلة واحتمال وقوع مئات القتلى أو أكثر، مقابل أن يتم الإفراج عن الخمسة والعشرين عسكرياً الذين لا يزالون مخطوفين ؟
     بالطبع، حياة كل جندي أو دركي من هؤلاء هي غالية جداً. لكن يجب البحث عن خيارات أخرى غير خيار المقايضة غير المشروطة؛ كمثل اعتماد العمل العسكري لتحريرهم، أو اعتماد الخيار الذي اتَّبعه حزب الله لتحرير عماد عياد الذي كان معتقلاً لدى الجيش الحر في القلمون. ومع إيجاد صيغة قانونية ما تتيح للجيش أو لجهة رسمية ما إعدام عدد من المحتجزين الإسلاميين مقابل أي إعدام لأي عسكري مختطَف منعاً لأي ابتزاز في هذا الإطار.   


عامر سمعان، كاتب وباحث
12/ 12/ 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق