ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

الفايسبوك والنرجسية


     عندها آلاف الأصدقاء على الفايس. أية ملاحظة أو مقالة تنزلها، وبغض النظر إن كانت مهمة أم سخيفة، أو مجدية أم سخيفة؛ فهناك على الأقل فوق المائة والخمسين الذين يعملون لها لايكات؛ هذا عدا عن الذين يعلقون ويبيضون الوجه معها عبر مدحها وتصويرها كأنها من كبار العباقرة والمبدعين.
     أية صورة شخصية لها تنزلها، فهناك المئات الذين يعملون لها لايكات؛ هذا عدا عن الذين يعلقون ويبيضون الوجه معها ويصورونها كأنها إحدى ملكات الجمال.
     هي تعيش في عالم افتراضي على الفايس، هي ملكة افتراضية في مملكة تضم الآلاف من الأصدقاء، الذين يمتدحونها يومياً في ذكائها وثقافتها وجمالها ويصورونها كأنها ملكة من الملكات...
     أما في حياتها العادية، فحدّث ولا حرج.... أي كغيرها ممن يتخبطون ويعانون من مشاكل الحياة اليومية في هذه البلاد.
     إلى هنا تبدو الأمور طبيعية.
     لكن ما هو غير طبيعي، أن تقوم هذه المرأة بالتذمر على الذين يراسلونها على الخاص في الفايس؛ فتتأفف وتدعي أن ليس عندها الوقت للرد على الرسائل... وأيضاً أن لا تقوم بالرد على بعض التعليقات غير المسؤولة على صفحتها والتي تتعرض لقضايا وطنية أو إنسانية، تحت حجة عدم توفر الوقت.
     كثرة أصدقائها على الفايس هم فقط لامتداحها يومياً وتصويرها كأنها ملكة من الملكات ولإرضاء نرجسيتها وغرورها........ أما إذا أخطأ أحد هؤلاء الأصدقاء عن قصد أم من غير قصد بحقها... أو إذا حاول أن ينبهها بلباقة إلى خطأ ما قد ارتكبته.... فتقوم قيامتها..... وكأنها ملكة حقيقة وتجرأ أحد من رعيتها على انتقادها ! 
     الفايس هو موقع للتواصل الاجتماعي وأيضاً منبر لنشر الأفكار في مختلف المجالات... لكنه أيضاً المكان الأكثر خطورة لنمو الاضطرابات النفسية.
     مَن كان يعاني من هموم أو مشاكل فليذهب إلى معالج نفسي أو إلى مرشد اجتماعي أو إلى أي شخص عنده إتقان لمعالجة هكذا إرشاد .... لكن ليس أن "يفش خلقه" أو أن يتحدث عن همومه على صفحته على الفايس... لأن الذين سوف يعملون له لايكات أو يعلقون سيكون هدفهم تبييض الوجه والتزلف والوصولية... وليس الإرشاد النفسي أو الاجتماعي الحقيقي والصادق.
     إضافة، كما يقول المثل "مَن يريد تذوَّق حلاوتها، عليه أيضاً أن يتذوَّق مرارتها"... يعني مَن يتذوق حلاوة وجود الآلاف من الأصدقاء على الفايس الذين يعملون له لايكات ويمتدحونه؛ عليه أيضاً أن يتذوق مرارة أن يحاول بعضُهم التراسل معه على الخاص أو وضع تعليقات غير مسؤولة على صفحته؛ أي عليه أن يقوم بالتعامل مع هذه الرسائل والتعليقات بمسؤولية وصدق وتفهم..... إذا لم يكن بإمكانه تحمل هذه "المرارة" فكل ما عليه عمله هو أن ينقِّص من هؤلاء الأصدقاء... أما أن يبقي عليهم فقط لكي يعملون له لايكات ويمتدحونه ويعظمونه بتعليقاتهم؛ فهذا ما هو إلا الاضطراب النفسي والنرجسية بكل ما للكلمة من معنى.


‏عامر سمعان، كاتب وباحث
10/ 12/ 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق