ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

شعر غزل ( 6 )

"ريتا"

تَمُرينَ في خاطري كلما تأملتُ جمالَ الأشجار

أرزةٌ من بلادِ الشوفِ تَأسِرُ القلوبَ في انبهار

تُضِيءُ كالشمسِ على الباروك تُعانِقُ الاخضرار

أنتِ في عالمي نغماتُ الصباحِ وألحانُ طربٍ عندما تجودُ بها أسرابٌ من الكنار

                   .....................................

ابتسَمَت ريتا قائلةً أوصف ليَ عينيَّ وهاتَ ما عندكَ وأطرِبني

فوجدتُها فرصةً لأطيلَ التحديقَ فيهما وأأسُرَها ولا تُبعِدَني

لأرضيَ طفلاً نما داخلي ما انفكَّ يَشتهي جمالَهما ويُحرِجُني

حتى أنه ليشاغِبَ ليحظى بالتفاتةٍ ونظرةِ عتابٍ منها تُخجِلُني

                   .....................................

قالت ريتا انتبه لنفسِك يا صَغيري وتَروَّى

فمَن يُعجَبون بي أكونُ عليهم ملِكةً وقُدوة

لا شكَّ أنكَ منهم لتَحلُمَ كلَّ يومٍ بالقُبلة

لتتأملَني مطوَّلاً وتُصبِحَ كلُّ لحظاتِكَ حُلوة

عرشُ الملِكةِ يَتَّسِعُ لكَ لو عَرِفتَ كيف تُألِّقُه بهمسَةٍ منكَ ولمسَة

                   .....................................
عامر سمعان

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

خطأ المقايضة لتحرير أسرى الجيش


     بعد أن أسَرَت النصرةُ وداعش مجموعةً من عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي أثناء معارك عرسال في آب الماضي واشتراطهما للإفراج أن تتم المقايضة مع سجناء إسلاميين محتجزين في لبنان وآخرين من المعارضة السورية محتجزين لدى النظام السوري... زادَت المطالباتُ لتنفيذ هذا الأمر من قبل أهالي الأسرى وعدد من السياسيين في لبنان وغيرهم. وحجة كل هؤلاء هي أنه في كل دول العالم تتم مقايضات من هذا النوع، وحتى أقوى الدول في العالم قد تعتمد المقايضة لتحرير أسراها.
     في الواقع هذه الحجة هي في غير مكانها، فالمقايضات من هذا النوع تصح في حال كانت لن تؤدي إلى إخلال في الأمن القومي في البلاد. أما إذا كانت ستؤدي إلى هذا الأمر، أي إلى تدهور الوضع الأمني (أو الزيادة في تدهوره)، فيكون الصحيح هو البحث عن خيارات أخرى.
     يوجد في لبنان: ضعف في هيبة الدولة نتيجة الانقسام السياسي، وقلة تجهيز للجيش بالرغم من تدريبه الجيد، وحاضنة شعبية مهمة للنصرة وداعش لدى قسم من اللبنانيين وقسم من النازحين السوريين والفلسطينيين، وخلايا نائمة من ضمن كل هؤلاء. هذان التنظيمان، مصلحتهما هي في إشعال لبنان في فتنة طائفية للضغط على النظام السوري وحزب الله؛ وهذه هي أيضاً مصلحة الكثير من الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة...
     بالتالي، أن يتم الإفراج عن محتجزين إسلاميين كانوا قد اعتدوا على الجيش اللبناني أو حاولوا إقامة إمارات إسلامية في إطار صفقة الإفراج المقترَحة، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى الزيادة: في التدهور في هيبة الدولة، وفي تشجيع تلك الحاضنة الشعبية للنصرة وداعش وما فيها من خلايا نائمة على التمرد على سلطة الدولة والاعتداءات على الجيش ومحاولة إقامة إمارات إسلامية، وفي تشجيع هذين التنظيمَين والكثير من الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة للسَير في هذا النهج.
     بل أكثر من ذلك، فإن هذا الإفراج سيؤدي إلى الزيادة في حجم هذه الحاضنة الشعبية. لأن أي نصر ميداني تحققه داعش، في لبنان أو سوريا أو العراق أو في أي مكان آخر، سيفسَّر على أنه "نصر إلهي" عند مَن عندهم الاستعداد لذلك. كمثل ما كان قد حصل بعد قيام دولة داعش.
     وكل هذا يعني دخول لبنان في المجهول والاحتمال الكبير لتدهور الوضع الأمني. فهل يصح إدخال لبنان في فوضى أمنية طويلة واحتمال وقوع مئات القتلى أو أكثر، مقابل أن يتم الإفراج عن الخمسة والعشرين عسكرياً الذين لا يزالون مخطوفين ؟
     بالطبع، حياة كل جندي أو دركي من هؤلاء هي غالية جداً. لكن يجب البحث عن خيارات أخرى غير خيار المقايضة غير المشروطة؛ كمثل اعتماد العمل العسكري لتحريرهم، أو اعتماد الخيار الذي اتَّبعه حزب الله لتحرير عماد عياد الذي كان معتقلاً لدى الجيش الحر في القلمون. ومع إيجاد صيغة قانونية ما تتيح للجيش أو لجهة رسمية ما إعدام عدد من المحتجزين الإسلاميين مقابل أي إعدام لأي عسكري مختطَف منعاً لأي ابتزاز في هذا الإطار.   


عامر سمعان، كاتب وباحث
12/ 12/ 2014

الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

تناقضات بين شيخوخة الشحرورة وجنازتها


     ظَهَرت تناقضاتٌ صارخة بين شيخوخة الفنانة صباح التي تميزت بالمرض والعوز المادي والإهمال الكبير نسبةً إلى مكانتها، وبين جنازتها التي كانت أشبه بالعرس الوطني. مما جعل الكثيرين ينتقدون بالقول إنه لو ظهر جزءٌ صغير من هذه المحبة لها أثناء شيخوختها لما كانت قد عانَت ما عانته، وبأن لبنان هو بلد العجائب والغرائب، وما شابه...
     إن الفهم الصحيح لهذه التناقضات هو من خلال ما يلي:
- أولاً، لا يوجد في لبنان ضمان تقاعد للفنانين، وصباح كانت من أبرز ضحايا غياب هذا الضمان. ومن المرجَّح، بالنظر إلى مكانتها، أن عزة نفسها كانت تدفعها إلى رفض الكثير من المساعدات المادية الشخصية المقدَّمة لها من قبل أصدقاء أو معجبين. وغني عن البيان: أن الكثير من الفنانين في لبنان كانوا ولا يزالون يطالبون بإيجاد هكذا ضمان؛ وأن إقرار قانون ضمان تقاعد للفنانين، الذين رفعوا اسم لبنان، يجب أن يكون من ضمن أولويات الإصلاح التشريعي المطلوب في هذا البلد.
- ثانياً، صباح لم تكن فقط فنانة مشهورة بل أيضاً جميلة ومثيرة. والفنانات اللواتي عندهن هذه الصفات، يَكُنَّ في صباهن محطّ أنظار واهتمام وإعجاب ويصبحن في شيخوختهن، وبعد أن يذبل جمالهن، موضع تجاهل وسخرية وشماتة. هذه هي الطبيعة البشرية، الطبيعة النفسية والسوسيولوجية، الموجودة عند جميع الناس وفي جميع المجتمعات. وبسبب هذا الواقع المرّ فإن معظم هؤلاء الفنانات، بعد أن يذبل جمالهن في شيخوختهن، يلجأن إما إلى الانتحار وإما إلى العزلة التامة والابتعاد عن الوسائل الإعلامية. وبما أن صباح لم تلجأ لا إلى الانتحار ولا إلى العزلة التامة، بل بقيت حتى أواخر سنوات حياتها تستقبل الناس ببشاشة ورحابة وتسمح بنشر صورها عبر الوسائل الإعلامية؛ فهذا يدلّ على معدن صلب وقلب كبير لديها، هذه الصفة التي يفتقدها حتى معظم الناس.
- ثالثاً، هناك عادة شعبية في مجتمعاتنا الشرقية، كانت ولا تزال موجودة منذ آلاف السنين، وتتعلق بتكريم الميت بشكل مبالغ به أثناء جنازته. من أمثالنا الشعبية: "ماتَ وماتَت مساوئُه معه" و"الجنازة حامية والميت كلب"؛ أي ما يدلّ على أنه حتى ولو كان الميتُ في حياته وضيعاً وفاشلاً وسيئاً، ففي جنازته يتم تكريمه وتعظيمه... فكيف إذا كان الميتُ في حياته من المشاهير والعظماء في بلده ؟
- رابعاً، صباح لم تكن فقط فنانة مشهورة بل أيضاً رمزاً وطنياً ساهمت في رفع اسم بلدها. فمن الطبيعي أن الكثير من الفئات الشعبية في لبنان قد شاركت في مأتمها أو اهتمت به بشكل أو بآخر، كمساهمة منها في رفع اسم لبنان من خلال تكريم هذه الفنانة في مأتمها.
     بالنظر إلى كل هذه المعطيات أصبح بالإمكان أن نفهم السبب في وجود تلك التناقضات الصارخة بين شيخوخة الشحرورة وجنازتها.


‏عامر سمعان، كاتب وباحث
10/ 12/ 2014

الفايسبوك والنرجسية


     عندها آلاف الأصدقاء على الفايس. أية ملاحظة أو مقالة تنزلها، وبغض النظر إن كانت مهمة أم سخيفة، أو مجدية أم سخيفة؛ فهناك على الأقل فوق المائة والخمسين الذين يعملون لها لايكات؛ هذا عدا عن الذين يعلقون ويبيضون الوجه معها عبر مدحها وتصويرها كأنها من كبار العباقرة والمبدعين.
     أية صورة شخصية لها تنزلها، فهناك المئات الذين يعملون لها لايكات؛ هذا عدا عن الذين يعلقون ويبيضون الوجه معها ويصورونها كأنها إحدى ملكات الجمال.
     هي تعيش في عالم افتراضي على الفايس، هي ملكة افتراضية في مملكة تضم الآلاف من الأصدقاء، الذين يمتدحونها يومياً في ذكائها وثقافتها وجمالها ويصورونها كأنها ملكة من الملكات...
     أما في حياتها العادية، فحدّث ولا حرج.... أي كغيرها ممن يتخبطون ويعانون من مشاكل الحياة اليومية في هذه البلاد.
     إلى هنا تبدو الأمور طبيعية.
     لكن ما هو غير طبيعي، أن تقوم هذه المرأة بالتذمر على الذين يراسلونها على الخاص في الفايس؛ فتتأفف وتدعي أن ليس عندها الوقت للرد على الرسائل... وأيضاً أن لا تقوم بالرد على بعض التعليقات غير المسؤولة على صفحتها والتي تتعرض لقضايا وطنية أو إنسانية، تحت حجة عدم توفر الوقت.
     كثرة أصدقائها على الفايس هم فقط لامتداحها يومياً وتصويرها كأنها ملكة من الملكات ولإرضاء نرجسيتها وغرورها........ أما إذا أخطأ أحد هؤلاء الأصدقاء عن قصد أم من غير قصد بحقها... أو إذا حاول أن ينبهها بلباقة إلى خطأ ما قد ارتكبته.... فتقوم قيامتها..... وكأنها ملكة حقيقة وتجرأ أحد من رعيتها على انتقادها ! 
     الفايس هو موقع للتواصل الاجتماعي وأيضاً منبر لنشر الأفكار في مختلف المجالات... لكنه أيضاً المكان الأكثر خطورة لنمو الاضطرابات النفسية.
     مَن كان يعاني من هموم أو مشاكل فليذهب إلى معالج نفسي أو إلى مرشد اجتماعي أو إلى أي شخص عنده إتقان لمعالجة هكذا إرشاد .... لكن ليس أن "يفش خلقه" أو أن يتحدث عن همومه على صفحته على الفايس... لأن الذين سوف يعملون له لايكات أو يعلقون سيكون هدفهم تبييض الوجه والتزلف والوصولية... وليس الإرشاد النفسي أو الاجتماعي الحقيقي والصادق.
     إضافة، كما يقول المثل "مَن يريد تذوَّق حلاوتها، عليه أيضاً أن يتذوَّق مرارتها"... يعني مَن يتذوق حلاوة وجود الآلاف من الأصدقاء على الفايس الذين يعملون له لايكات ويمتدحونه؛ عليه أيضاً أن يتذوق مرارة أن يحاول بعضُهم التراسل معه على الخاص أو وضع تعليقات غير مسؤولة على صفحته؛ أي عليه أن يقوم بالتعامل مع هذه الرسائل والتعليقات بمسؤولية وصدق وتفهم..... إذا لم يكن بإمكانه تحمل هذه "المرارة" فكل ما عليه عمله هو أن ينقِّص من هؤلاء الأصدقاء... أما أن يبقي عليهم فقط لكي يعملون له لايكات ويمتدحونه ويعظمونه بتعليقاتهم؛ فهذا ما هو إلا الاضطراب النفسي والنرجسية بكل ما للكلمة من معنى.


‏عامر سمعان، كاتب وباحث
10/ 12/ 2014

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

شعر غزل ( 5 )


أشاهِدُكِ تَمُرين أمام منزلي في المساء
تخفين جمالَ يديكِ من بَردِ هذا الشتاء
تبتسمين لي فيشِعُّ من ثغرِكِ كلُّ ضياء
وأحياناً تتجاهلينني فأُصبِحُ كالهباء
فأرغَبُ في اختطافِكِ لأتذوقَ ما في شفتيكِ من بهاء.
........................................
قِطَتي
تَسيرُ بدلالٍ ونعومة في هذي الحديقة
يعشقُها العشبُ عندما تَطَؤه كحبيبة
تغارُ الورودُ من سِحرِ قامتِها الجميلة
عند رؤيتي تتجاهلني كمهتمةٍ بطريدة
أتلمَّسُ فراءها فتَمُوءُ بنغماتٍ لذيذة
ألاعِبُ يديها وقدميها فتبتسمُ بعبثية
أحاولُ ضمَّها فتنتفضُ وتُزمجِرُ كقوية
أُرضِيها، فتضحَكُ، وتعود للسَير في الحديقة كراقصةٍ لاهية.    
........................................
 "مريم"
مساكِ فُلٌ يا مريمُ يا مَن تجعلينَ القلوبَ بكِ معلقة
ثغرُكِ كخمرِ العيدِ ينهمِرُ من الكرومِ الجبليةِ الرائعة 
شعرُكِ كشمسِ الغروبِ حين تغفو على طرطوسَ الحالمة
أنتِ الوردةُ المشرِقةُ على البحرِ أنتِ السوسنةُ اللامعة.
........................................
عامر سمعان