ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

الشطارة اللبنانية


  في لبنان التحايل على القانون والنصب والاحتيال والغش... كل هذا يسمى شطارة.
     أيضاً في لبنان هناك أشكال أخرى من الشطارة، كمثل: الهجرة غير الشرعية، والفساد السياسي عندما يحاول السياسي أن يبيّض وجهَه مع المواطنين بغض النظر إن كانوا على حق أم على باطل، والفساد الإعلامي عندما يحاول الإعلامي أن يقوم بدوره بهذا الأمر...
     من الأمور التي ينشغل بها اللبنانيون في هذه الأيام هي غرق عبّارة كانت تنقل عشرات من اللبنانيين من المهاجرين غير الشرعيين من أندونيسيا إلى أستراليا، ما أدى إلى مقتل على الأقل 34 منهم.
     الناجون وأهالي القتلى اعتبروا أنفسهم مظلومين ووضع معظمُهم الحقَ على الدولة... الكثير من السياسيين والإعلاميين تضامنوا بدورهم معهم ووضعوا الحق على الدولة وعلى الوضع السياسي العام في البلاد وعلى الظروف الصعبة التي تدفع بالمواطنين إلى الهجرة وتعريض أنفسهم للخطر...
     الحقيقة التي يجب أن تقال هي أن ما قام به الذين حاولوا الهجرة، ومع كل الاحترام لأرواح المتوفين منهم، هو مخالفة للقوانين في أندونيسيا، وبعدها في أستراليا في حال كانوا قد تمكنوا من الوصول إليها، وإساءة للعلاقات بين لبنان وهاتين الدولتين وتشويه لسمعة لبنان، وأن السياسيين والإعلاميين الذي يحاولون إظهار التضامن معهم ما هم إلا عيِّنة من الفساد السياسي والإعلامي الذي يبتلي به لبنان.
     اللجوء غير الشرعي من بلد إلى آخر، له ما يبرره في حال وجود خطر مباشر يهدد حياة الإنسان، كمثل حالة الحرب أو المجاعة أو الأوبئة أو الكوارث الطبيعية، وعندما لا يكون بإمكانه اللجوء إلى أماكن آمنة في بلده أو الحصول على المساعدة من فئات ما فيه... في هكذا ظروف لا يبقى أمام الإنسان إلا اللجوء غير الشرعي إلى بلد آخر، وحيث الاعتبارات الإنسانية تحتم على سلطات وأبناء ذلك البلد تقديم المساعدة، على الأقل إلى أن يزول ذلك الخطر الموجود في البلد الأم.
     بالعودة إلى الذين حاولوا الهجرة غير الشرعية من شمال لبنان إلى أستراليا : فليس هناك من حالة حرب عامة في البلاد تهدد بشكل مباشر حياتهم، وليس هناك من مجاعة عامة في البلاد، وأي منهم هو ليس على درجة من الفقر تجعله مهدداً بالموت جوعاً بدليل أنه قد دفع ما بين تسعة إلى عشرة آلاف دولار لتأمين هذه الهجرة(بحسب ما تداولته الوسائل الإعلامية)، كما ليس هناك من أوبئة أو كوارث طبيعية أو غيرها من الأخطار التي قد تهدد حياتهم وحياة غيرهم من اللبنانيين...
     وإذ كان بعضهم قد اضطر إلى الاستدانة أو بيع قطعة أرض لتأمين العشرة آلاف دولار إلا أنه كان بإمكانهم استثمار هذا المبلغ في مشاريع عدة في مناطقهم أو في غيرها... وهناك عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين تبقى أوضاعهم أكثر بؤساً منهم وليس عندهم أصلاً أية قطعة أرض ليبيعوها أو أي أحد ليدينهم أي مبلغ ليحسنوا به أحوالهم.  
     وبعد ... لماذا كل هذه الهمروجة ؟
     وهل إلى هذه الدرجة وصل الانحطاط الأخلاقي والفساد السياسي والإعلامي في لبنان ؟
     وهل أصبح السياسيون والإعلاميون في لبنان عاجزين حتى عن أن يسموا الأمور بأسمائها ويقولوا هذا حق وهذا باطل ؟
     وأين هم رجال الدين الذين يعظوننا كل جمعة وكل أحد في المساجد والكنائس ويحدثوننا عن الخير والحق والابتعاد عن الشر، لماذا هم صامتون ولا يقولون إن ما جرى هو هجرة غير شرعية ومخالفة للقوانين في اندونيسيا وأستراليا وإساءة لعلاقات لبنان مع هاتين الدولتين وتشويه لسمعة لبنان ؟
     على الأقل لا يزال يوجد في هذا البلد بعض الوجوه الخيّرة، كمثل الإعلامي طوني خليفة الذي تجرأ منذ أيام من على شاشة تلفزيون "الجديد" ليسير عكس التيار ويسمّي الأمور بأسمائها ويندد بكل هذه الهمروجة.




عامر سمعان ، باحث وكاتب
16/ 10/ 2013. تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 1/ 11/ 2013.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق