ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الخميس، 14 يوليو 2016

الأرثوذكسية وحقوق المرأة

     قدَّمت الأرثوذكسية المسيحية، منذ 2000 عام، منظومةً فكرية متكاملة رَفَعَت من قيمة المرأة إلى أقصى ما يمكن أن تكون الحدود... ولغاية الآن، لم يشهد التاريخُ أيَّ مذهب دِيني أو فكري رَفَعَ من هذه القيمة إلى هذه الحدود.
     هذه القيمة النسوية الرفيعة، هي فيما يلي:
- شخص السيدة مريم العذراء التي جاهدت في طريق التقوى والصلاح فاستحقت أن تحمل في أحشائها، بتدبير إلهي ومن دون زرع رجل، الإله المتجسد، ولتصبح "المنعَمُ عليها" (لوقا 1: 28) والقديسة الأولى والشفيعة الأولى عند الله. ما يعني أن أية فتاة في المسيحية بإمكانها أن تجاهد في طريق التقوى والصلاح ولتتقدم فيها إلى أبعد الحدود.
- رفع الطبيعة البشرية (التي لكِلا الذكور والإناث) إلى أقصى الحدود بفعل تجسد الله وضمّ الطبيعة البشرية إلى الطبيعة الإلهية في أقنوم يسوع المسيح ("والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا"، يوحنا 1: 14).
- طريق القداسة التي أصبحت مفتوحة أمام المؤمنين، سواء أكانوا رجالاً أم نساء، على قدم المساواة... والتي هي طريق التأله بالنعمة الإلهية غير المخلوقة والتي يحصل عليها المؤمنُ من خلال مشاركته في الأسرار الكنسية ("لكي تصيروا شركاء الطبيعة الإلهية"، 2 بطرس 1: 4)، والتي تتيح له اكتساب صفات إلهية لا متناهية من التواضع والمحبة والخير والتغلب على الضعفات والجرأة والشجاعة والقوة النفسية والتبصُّر والحكمة وغيرها...
- حياة القديسين المخلَّصين في القيامة، حيث لا زواج ولا نكاح ولا حوريات، بل مشاركة الجميع في المجد الإلهي غير المخلوق ("حينئذ يضيءُ الأبرارُ كالشمس في ملكوت أبيهم"، متى 13: 43).
     أما بخصوص الآيات "أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة"، أفسس 5: 22، 23)، فقد قيلت في ذلك الوقت من باب التدبير ومراعاة النظم السياسية والاقتصادية القائمة... لأنه في حال كان هناك دعوة صريحة لأن تأخذ المرأةُ حقوقَها وتتساوى بالرجل، ولأن يأخذ العبيدُ حقوقَهم ويتحرروا من العبودية، وما شابه... فقد كان سيترتب على هذا الوضع ثورات وحروب وتوترات أمنية عنيفة ومآسٍ كبيرة نتيجة التصادم مع تلك النظم السائدة والراسخة في ذلك الوقت... وبالتالي، كان هذا سيؤدي إلى تشويه كبير للمسيحية وإعاقة لانتشارها... لذلك، كان التدبير من قبل بولس وبطرس الرسولين، وغيرهما من رواد المسيحية، هو في الإبقاء على تلك النظم في ذلك الزمان؛ وفي نفس الوقت، الدعوة، غير المباشرة، للتغيير الداخلي وبما يتوافق مع القيمة الكبيرة وغير المحدودة المعطاة لكل إنسان في المسيحية ("كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح، ليس يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حرٌّ، ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعاً واحدٌ في المسيح يسوع" غلاطية 3: 27، 28    .(



عامر سمعان، باحث وكاتب
14/ 7/ 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق