بعد أن كانت الولايات المتحدة ذاهبة
إلى هزيمة تاريخية بعد العام 2003 بفعل احتلالها للعراق وتدهور أوضاعه وازدياد
المقاومة ضد جنودها فيه، أنقذَت نفسَها من خلال اغتيال الرئيس رفيق الحريري في
العام 2005 وغيره من قيادات 14 آذار الحلفاء لها في لبنان.
ثم بعد أن كانت ذاهبة إلى هزيمة تاريخية في العام 2011 بفعل ثورتي تونس
ومصر اللتين أطاحتا بنظامي بن علي ومبارك، أنقذَت نفسَها من خلال التدخل العسكري
الغربي في ليبيا الذي أطاح بنظام القذافي ومن خلال افتعال الأحداث السورية وتقديمها
الدعم للمعارضة السورية المسلحة.
ثم بعد أن كانت ذاهبة إلى هزيمة تاريخية في العام 2014 بفعل الصمود البطولي
لسوريا، في شعبها وجيشها ونظامها، وبمساهمة فاعلة من قبل حزب الله، وبعد أن أصبح
إنهاء الأحداث السورية مسألة وقت؛ أنقذَت نفسَها من خلال تقدّم قوات داعش في العراق
وقيام "دولة الخلافة الإسلامية"، الأمر الذي سيطيل الحروب في سوريا
والعراق إلى ما لا نهاية وسيسعّر الصراعات السنية - الشيعية أكثر من أي وقت
مضى.
ورغم كل ذلك، لا يزال معظم
العرب، في شعوبهم وسياسييهم وإعلامييهم وأنظمتهم، يسيرون بغباء وراء الولايات
المتحدة ويؤيدون سياستها ويترجون مساعدتها.
بالتالي، لا يمكن القضاء على تنظيم داعش والوصول إلى الاستقرار الأمني في سوريا
والعراق ودول الجوار طالما الولايات المتحدة قائمة كقوة عظمى في هذا العالم، كونها رأس الأفعى للمعارضة السورية المسلحة ولحلفائها في المنطقة.
كما لا يمكن، حالياً أم مستقبلاً، لجم القوة العسكرية لإسرائيل وإيقاف أية
اعتداءات أو جرائم من قبلها بحق الفلسطينيين أو غيرهم من العرب، وإلحاق هزيمة كبرى
بها؛ طالما الولايات المتحدة هي رأس الأفعى لها.
فيصبح العمل بإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية
والاقتصادية لإلحاق هزيمة كبرى بالولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، هو شرط
لإنجاح أي حل عسكري للقضاء على تنظيم داعش وتمكين النظام في سوريا من بسط سيادة
الدولة وتحقيق الاستقرار فيها في وقت قصير. وأيضاً هو شرط، حالياً أم مستقبلاً، للنجاح
في لجم القوة العسكرية لإسرائيل وإيقاف أية اعتداءات أو جرائم من قبلها بحق الفلسطينيين
أو غيرهم من العرب، وللتمهيد لإلحاق هزيمة كبرى بها.
هكذا إستراتيجيا، التي لا بد من أن تكون مبنية
على دراسات علمية وصحيحة... لا يمكن الاعتماد في تنفيذها على الأنظمة الحاكمة...
بل الاعتماد، هو أولاً وأساساً، على قيام الفئات السياسية والشعبية المناهضة
للولايات المتحدة، داخل العالم العربي وخارجه، بمطالبة الأنظمة الحاكمة في بلدانها
والضغط عليها، بالتظاهرات والإضرابات وغيرها من الوسائل الديمقراطية، لكي تتخذ
خطوات معارِضة لهذه الدولة؛ حتى ولو أدَّت هذه التحركات إلى سقوط وتغيير معظم هذه
الأنظمة.
للاطلاع
على هذه الإستراتيجيا وكيفية تنفيذها للوصول إلى الأهداف المرجوة منها، انظر "نحو
الانتصار في سوريا وهزيمة أمريكا":
عامر سمعان ، باحث وكاتب
8/ 7/ 2014، تم آخر تعديل لهذه المقالة في 15/ 7/
2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق