ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الاثنين، 13 يناير 2014

الحلّ للأزمة اللبنانية


1 - أية حرب أهلية في أي مكان في العالم، ولكي يتم الانتهاء منها، لا بد من القيام بخطوة أساسية وهي اعتراف الأطراف المتحاربة بأخطائها التي أدت إلى هذه الحرب؛ أي الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها والتعهد بعدم العودة إليها والقيام بما يمكن لإصلاحها. أي الاعتراف بالأخطاء التي أدَّت إلى وجود الانقسام في المجتمع، أو ساهمت في زيادة الانقسام الموجود؛ والتي كانت سبباً مباشراً أو غير مباشر للحرب الأهلية.
     في لبنان، وبالرغم من انتهاء الحرب الأهلية في العام 1990، إلا أن الانقسام في المجتمع لا يزال قائماً والتوترات الأمنية لا تزال موجودة؛ أي إن الأزمة لا تزال مستمرة. لكي يصار إلى حلّ هذه الأزمة لا بد من أن يتم الاعتراف من قبل القيادات السياسية بالأخطاء التي أدَّت إلى وجود الانقسام في المجتمع، أو ساهمت في زيادة الانقسام الموجود، بين فريقي اليمين واليسار أي المتأمرك والعروبي أي 14 و8 آذار؛ والتي كانت سبباً مباشراً أو غير مباشر للحرب الأهلية. ثم أن يصار إلى القيام بالخطوات التنفيذية في تصحيحها، ثم أن يعاش هذا الاعتراف من خلال العمل الإعلامي والسياسي وحتى من خلال إعادة قراءة التاريخ... حيث ستؤدي كل هذه الخطوات ليس فقط إلى الاستقرار الأمني وبسط سيادة الدولة، بل أيضاً إلى بناء الدولة القوية والآمنة والمزدهرة وتوحيد المجتمع اللبناني في المستقبل المنظور.   
     لكن لا بد أولاً من اعتماد تصوّر معيَّن عن الانقسام في المجتمع اللبناني، لكي يصار على أساسه تحديد هذه الأخطاء التي تتطلب الاعتراف بها.

2 - الأزمة اللبنانية تعود إلى انقسام المجتمع بين فريقين أساسيين. الأول يرى أن الأخطار الأساسية على لبنان هي المتأتية من الجوار العربي ويتطلع إلى الحماية الغربية منها؛ والثاني يرى أن الأخطار الأساسية على لبنان هي المتأتية من السياسيات الغربية المعادية، الإمبريالية والصهيونية، ويتطلع إلى الحماية العربية منها.
     الفريق الأول، كان يُعرَف قبل الحرب الأهلية باليمين، وبالمارونية السياسية، ومؤلَّف أساساً من قسم من المسيحيين. طروحاته هي التحدث عن أخطار على المسيحيين في لبنان والمنطقة من قبل الأكثرية المسلمة، واعتبار أن الأطماع والأخطار الأساسية على لبنان هي المتأتية من الجوار العربي كونه حصناً للمسيحيين و"بلد الملجأ" لهم، والقول عن لبنان إنه "بلد الإشعاع" في المنطقة، وعن إن المسيحيين هم أكثر تطوراً من المسلمين، والتطلع إلى الحماية الغربية للبنان وللمسيحيين... والعمل على المحافظة على ما للمسيحيين من أكثرية الامتيازات السياسية التي كانت تجعل منهم حكام البلد الحقيقيين في فترة ما قبل الحرب الأهلية تحت شعارات منها أنها الضمانة لهم ولإزالة الخوف عندهم، ثم العمل على زيادة هذه الامتيازات أو زيادة نفوذ السياسيين المسيحيين في فترة ما بعد الحرب الأهلية تحت شعار إزالة تهميش المسيحيين...
     من هذه الطروحات هو اقتراح تقسيم لبنان إلى دويلتين مسيحية وإسلامية أو إلى كانتونات طائفية، تحت شعارات أنها الحل الأمثل للأزمة اللبنانية أو للمحافظة على التنوع الثقافي في لبنان.
     هذا الفريق أصبح بعد الحرب الأهلية يُعرَف بالمعارضة المسيحية، ثم بفريق 14 آذار بعد أن تحالف معه قسمٌ كبير من السُنة والدروز، وأصبحوا يتحدثون بدورهم عن أخطار تهدد لبنان من الجوار العربي ويسعون إلى الحماية الغربية منها؛ وبالطبع من دون تبني باقي طروحات هذا الفريق كمثل المتعلقة "ببلد الملجأ" و"بلد الإشعاع".    
     الفريق الثاني، مؤلَّف من مسلمين ومسيحيين، كان يُعرَف قبل الحرب الأهلية باليسار وبالعروبي، وبعدها أصبح يُعرَف بالموالاة ثم بفريق 8 آذار. طروحاته هي اعتبار: أن تاريخ لبنان لا يختلف كثيراً عن تاريخ جواره العربي، وأن الأخطار الأساسية التي تهدد لبنان هي المتأتية من السياسات الغربية المعادية، وأن الخطر الآخر المهم على لبنان هو السَعي لدى الفريق الآخر من اللبنانيين للتحالف مع الغربيين... وأيضاً من طروحاته هو العمل على التقليل من امتيازات المسيحيين في فترة ما قبل الحرب الأهلية تحت شعارات الإصلاح الداخلي في لبنان ورفع الغبن عن المسلمين، والعمل على المحافظة على اتفاق الطائف في فترة ما بعد هذه الحرب... والسَعي للتحالف مع الزعماء والقوى العربية والحليفة لها الفاعلة في المنطقة لحماية لبنان وهذه المنطقة من السياسات الغربية المعادية.
     أحد المواقف المهمة التي درج عليها هذا الفريق هو ارتهان الوضع الأمني الداخلي لتحريكه في مواجهة الفريق الآخر والضغط عليه. لأنه لما كان هذا الفريق الأخير يسعى إلى الحماية الغربية، فالاحتمال هو كبير لأن يستغل الغربيون هذا الوضع لتحويل لبنان إلى ممر أو منطلق لسياساتهم المعادية في المنطقة؛ وبالنظر إلى القوة العسكرية والاقتصادية الغربية فلن يكون بإمكان الفريق العروبي، وحلفائه في المنطقة، منعَ هذا الأمر، سوى عبر إبقاء الوضع الأمني الداخلي رهينةً في يدهم، أي تحريكه ما بين الاستقرار والتوتر الأمني، لمنع الفريق الآخر من التمادي في هذه الاستعانة بالغربيين... أحد أبرز محطات هذا الارتهان للوضع الأمني كان ثورة 58 واحتضان الوجود الفلسطيني المسلح في فترة ما قبل الحرب الأهلية، وبعد هذه الحرب كان هناك إبقاء المخيمات الفلسطينية خارج سلطة الدولة وتجاوزات الوجود العسكري السوري في لبنان وطريقة التعامل مع تمرد صبحي الطفيلي ومع مزارع شبعا المحتلة وغيره...

3 - بناءً على هذا الانقسام الذي كان ولا يزال مستمراً منذ عشرات السنوات، يكون الحلّ الأفضل للأزمة هو في تثبيت انتماء لبنان العروبي، في الهوية والتاريخ والسياسة الخارجية، عبر الإبقاء على اتفاق الطائف، أي بما يتوافق مع طروحات 8 آذار، وفي نفس الوقت، اعتراف الفريقين بأخطائهما بما يتوافق مع هذا الاتفاق.
     أي أن يقوم فريق ١٤ آذار مع مَن هم في جهته، بالاعتراف بالأخطاء التالية التي ارتكبوها في الفترة الأخيرة:
أ - التحدث بمبالغة في فترة ما بعد الحرب الأهلية عن أطماع وأخطار سورية وإيرانية على لبنان.
ب - اتهامهم لسوريا وحلفائها باغتيال الحريري وبباقي الاغتيالات المرتبطة به.
ج - استعانتهم بالأمريكيين والفرنسيين تحت شعار حماية هؤلاء للبنان من هذه الأطماع والأخطار وجلبهم الحرية والعدالة إليه.
د - موافقتهم على القرار ١٥٥٩ وعلى "قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان".
هـ - مطالبتهم بالمحكمة الدولية.
     وأن يتم وضع هذه الأخطاء تحت شعار أنها حَرفٌ للبنان عن انتمائه العربي، وأنها كانت ستؤدي إلى تحويله إلى ممرّ أو منطلق للسياسات الغربية في المنطقة وإلى جعله خطراً على القضية الفلسطينية وغيرها من قضايا العالم العربي.
     أما فريق ٨ آذار، مع مَن هم في جهتهم، فيعترفون بالأخطاء التي ارتكبوها أو سَكتوا عنها منذ بداية التسعينات، وهي التالية:
أ - الإبقاء على مخيمات الفلسطينيين خارج سلطة الدولة وكذلك على بعض القواعد العسكرية لهم خارج المخيمات، وعدم السَعي الجِدِّي لبناء علاقات أخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني.
ب - عدم اعتماد الحسم العسكري مع تمرُّد الشيخ صبحي الطفيلي في البقاع عام ١٩٩٧.
ج - اعتماد العمل العسكري لتحرير ما تبقّى من مزارع شبعا المحتلة بعد الانسحاب الإسرائيلي في حين كان الأمر يتطلب أساساً اعتماد العمل الإعلامي والسياسي في هذا الصدد.  
د - قيام حزب الله بخطف جنديين إسرائيليين في تموز ٢٠٠٦.
هـ - قيام حزب الله: بمحاولة تمرير صواريخ إلى الفلسطينيين في الضفة عبر الأراضي الأردنية في العام ٢٠٠١، وتمرير مساعدات إلى الفلسطينيين في غزة عبر الأراضي المصرية في العام ٢٠٠٩، والمشاركة في القتال في البوسنة والهرسك.
و - تجاوزات الوجود العسكري السوري في لبنان في فترة ما بعد الحرب الأهلية.
ز - حَلّ حزب القوات اللبنانية في العام ١٩٩٤، وإقفال المحطة التلفزيونية mtv في العام ٢٠٠٢.
ح - سهولة تنقل المواطنين خارج المعابر الرسمية بين لبنان وسوريا، والنقص في ترسيم الحدود بين البلدين؛ أيضاً في فترة ما بعد الحرب الأهلية.
     وأن يتم وضع هذه الأخطاء تحت شعار أنها كانت خيارات خاطئة في التعامل مع الوضع الداخلي للبلاد فيما يتعلق بمواجهة الفريق الآخر، وخاصة لمنعه من تحويل البلاد إلى ممرّ أو منطلق للسياسات الغربية في المنطقة؛ أي تحت شعار أنها كانت عبارة عن أخطاء في إدارة الأزمة.
     وبعد هذا الاعتراف بالأخطاء، يتم القيام بالخطوات التنفيذية لتصحيح ما هو وارد أعلاه، أي إلغاء التعاون مع المحكمة الدولية، وجعل المخيمات الفلسطينية تحت سلطة الدولة وبناء علاقات أخوية بين الشعبين، وتقديم الطفيلي إلى القضاء، ودفع تعويضات عن إقفال mtv، والتعويضات للمواطنين الذين كانت تتواجد القوات السورية على أملاك خاصة بهم، والتعويضات للذين كانوا في السجون السورية، وضبط الحدود بين الدولتين واستكمال الترسيم، وسحب السلاح غير المرخَّص وغيره...
     أيضاً هناك ضرورة للاعتراف بالأخطاء التي حصلت قبل الحرب الأهلية والتي كانت سبباً لها. أي أن يعترف مَن تبقى ممن كان يُعرَف بفريق اليمين في ذلك الوقت، أي قبل هذه الحرب، بالأخطاء التالية: التحدث مبالغة عن أطماع وأخطار عربية على لبنان، وعن بلد الملجأ، والسَعي لفصل لبنان عن قضايا العالم العربي، والاستعانة بالسياسات الغربية لحماية لبنان ومسيحييه من هذه الأطماع والأخطار المزعومة، والتمسك الجائر بالامتيازات السياسية التي للمسيحيين وغيرها... كما من الأفضل الاعتراف بما حصل خلال الحرب الأهلية من تعاون مكشوف مع إسرائيل ومن دعوات علنية للتقسيم، بالنظر إلى خطورة هذين الموضوعين.
     وأن يعترف مَن تبقى ممن كان يُعرَف بفريق اليسار في ذلك الوقت بخطأ احتضان الوجود الفلسطيني المسلح وقيامه بالعمليات العسكرية ضد إسرائيل انطلاقاً من الجنوب وإضعاف سلطة الدولة في المناطق النائية والقيام بثورة 58...
     كذلك أن يتم وضع هذه الأخطاء من الجهتين تحت نفس الشعارات الواردة أعلاه...
     إضافة، السياسيون الذين تنقلوا بين الفريقين من الضروري أن يعترفوا بالأخطاء التي ارتكبوها عند كِلا الفريقين؛ كمثل التيار الوطني الحر الذي كان قبل عام ٢٠٠٥ من أكثر المتطرفين في الموالاة للسياسة الأمريكية، فالمفترَض به أن يعترف بخطئه في الموالاة لهذه السياسة في تلك الفترة.
     لكن هناك استثناء مع النائب وليد جنبلاط، ومَن معه، فهو من أكثر السياسيين في تاريخ لبنان فساداً من حيث الأخلاق السياسية. فهو يتنقل بين ٨ و١٤ آذار وبين المصالحة لسوريا والمعاداة لها وبين الموالاة للسياسة الأمريكية والمعاداة لها، بما يضمن بقاءه للسلطة، بل هو الأكثر تنقلاً بين السياسيين اللبنانيين بين جهة وأخرى. وبالتالي، لا يمكن حمل المواطنين على أن يثقوا بحل للأزمة يقوم على اعتراف السياسيين بأخطائهم ثم أن يُطلب منهم أن يتقبلوا اعتراف جنبلاط بأخطائه كمثل أن يتقبلوا اعتراف غيره؛ فلا يبقى من خيار إلا مقاطعة المواطنين لجنبلاط ومَن معه لحملهم على التنحّي عن العمل السياسي مع بدء تنفيذ هذا الحلّ للأزمة.
     يبقى هناك مسألة إعادة كتابة التاريخ والتي هي بالغة الأهمية في سياق عملية إنهاء أية حرب أهلية. بالعودة إلى ما أظهرناه أعلاه، فإن فريق اليمين والذي أصبح لاحقاً فريق 14 آذار هو مَن يتحمل المسؤولية الأساسية عن التوترات الأمنية المستمرة كون مواقفه كانت حرفاً للبنان عن انتمائه العربي، في حين أن الفريق الآخر يتحمل مسؤولية ثانوية عن هذه التوترات كون موقفه في ارتهان الوضع الأمني كان عبارة عن خيارات خاطئة في مواجهة الفريق الآخر وخاصة لجهة منعه من تحويل لبنان إلى ممر أو منطلق للسياسات الغربية المعادية في المنطقة.
    فيكون الأصح أن تركِّز كتابةُ تاريخ لبنان في شقها القديم، على إظهار لبنان كجزء من محيطه العربي وفي نفس الوقت إظهار الخصوصية اللبنانية و"بلد الإشعاع"، كونه ليس هناك من كتابة لتاريخ أي بلد في العالم إلا ويتم تعظيم لماضيه حتى وإن كان بشكل مبالغ به.
     لكن الأهم في كتابة هذا التاريخ هو التاريخ المعاصر، أي منذ الاستقلال. فالأصح أن تركّز هذه القراءة على إظهار الواقع اللبناني كما هو؛ أي أن تتحدث عن وجود انقسام في المجتمع اللبناني بين فريقين؛ الأول يرى أن الأخطار الأساسية التي تهدد لبنان هي المتأتية من الجوار العربي ويسعى للحماية الغربية منها... والثاني يرى أن هذه الأخطار الأساسية هي المتأتية من السياسات الغربية المعادية ويسعى للحماية العربية منها، وكيف أن الخيار الوحيد الذي كان متوفراً عنده للمواجهة هو في ارتهان الوضع الأمني الداخلي... وما إلى ذلك بالشكل الذي كنا قد أظهرناه أعلاه.
     هذا هو الحلّ الوحيد للأزمة اللبنانية الذي من شأنه أن يؤدي إلى ترسيخ الاستقرار الأمني والتمهيد للنمو الاقتصادي وبناء دولة المؤسسات وتوحيد المجتمع اللبناني. أما تسليم حزب الله لسلاحه فيأتي في مرحلة متقدمة من هذا الحلّ عندما يصل فيها اللبنانيون لأن يكونوا متوحدين حول رؤيتهم للأخطار التي تهدد لبنان معتبرينها أنها تلك المتأتية من السياسات الغربية، ومع بدء بناء الدولة القوية والفاعلة.

4 - أما عن كيفية حمل القيادات السياسية على الاعتراف بالأخطاء الواردة أعلاه، فالطريقة الأفضل والأسهل والأسرع هي في تحرك شعبي سلمي يطالب هذه القيادات، في أيٍّ من الفريقين، بالاعتراف بها، سواء بارتكابها أو بالسكوت عنها؛ وصولاً إلى مقاطعة أيٍّ منهم في حال رفضه الاعتراف بما ارتكبه أو سكت عنه. كذلك في تحرك شعبي سلمي يعتمد الوسائل الديمقراطية، والتي منها التظاهرات والإضرابات، للضغط على الدولة اللبنانية لتتبنى هذا الحلّ، أي لتسير بموجبه بعد أن يتم هذا الاعتراف بالأخطاء.
     لكن يبقى السؤال عن كيفية إقناع القواعد الشعبية بالقيام بهذا التحرك والضغط على القيادات السياسية كما على الدولة اللبنانية، وبالأخص عن كيفية إقناع هذه القواعد في فريق 14 آذار بتبني هذا الحلّ للأزمة الذي يحمِّل فريقَهم المسؤولية الأساسية للتوترات الأمنية.
     الجواب هو أنه لا يمكن إقناع القاعدة الشعبية في 14 آذار بهذا الأمر, وكذلك لا يمكن الضغط على قياديي هذا الفريق، طالما هناك غربي قوي ومتفوق عالمياً بزعامة الولايات المتحدة وعنده أطماع في هذه المنطقة، لأن هؤلاء سيظلون يطمحون للاستقواء بهذا الغرب تحت شعارات حماية لبنان وجلب والحرية والديمقراطية وما شابه.
     كما يصح القول أنه طالما هناك غرب قوي ومتفوق عالمياً بزعامة الولايات المتحدة، ستبقى التوترات الأمنية قائمة في لبنان والعالم العربي ومعظم دول الجنوب مع كل ما يترتب عليها من فقر وتخلف ومآسٍ.
     فيكون الظرف الوحيد الذي يمكن خلاله حلّ الأزمة في لبنان هو بعد انتهاء الزعامة العالمية للولايات المتحدة أو عندما تكون هذه الزعامة سائرة إلى الزوال. أي إن الأمر يتطلب إما انتظار وقت تنتهي فيه هذه الزعامة لسبب من الأسباب، وإما السَير في إستراتيجيا تؤدي إلى إلحاق هزيمة كبرى بهذه الدولة وإنهاء زعامتها العالمية في المستقبل المنظور.
     هذا الخيار الثاني هو أمر ممكن في حال تم وضع هكذا إستراتيجيا بناءً على دراسات علمية صحيحة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا. عن أهمية الدراسات التنموية في هذا المجال، فهذا لأن نهاية الزعامة العالمية الأمريكية من المفترَض أن تؤثّر إيجاباً على النمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم الدول النامية. وعن أهمية الدراسات السوسيولوجية في هذا المجال، فهي لكونها تتيح الفهم الأفضل للرأي العام العالمي الموالي للولايات المتحدة والتوصل إلى التغيير فيه.
     حول الملخَّص عن هذه الإستراتيجيا انظر"نحو الانتصار في سوريا وهزيمة أمريكا":
     للتوسع في الحلّ المقترَح أعلاه للأزمة اللبنانية ولفهم كيفية تحديد تلك الأخطاء التي تتطلب الاعتراف بها، انظر كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة"، القسمين الأول والثاني. وللتوسع في الإستراتيجيا المقترَحة لهزيمة الولايات المتحدة انظر الفصل الثاني عشر في هذا الكتاب.
     للتوسع أيضاً في طروحات فريق اليمين ومسيحيي 14 آذار انظر المقالة "الداعشيون المسيحيون":
http://www.amersemaan.com/2014/01/blog-post_24.html
    

عامر سمعان ، باحث وكاتب
13/ 1/ 2014 ، تم آخر تنقيح لهذه المقالة في 24/ 1/ 2014 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق