أيُّ عمل تلفزيوني أو سينمائي يَشهَدُ رواجاً جماهيرياً،
فالسبب الأساسي لا يمكن أن يعود إلى الإنتاج أو الإخراج له، بل يعود أساساً إلى
مضمون قصته. بالطبع، الإنتاج والإخراج يلعبان دوراً مهماً، لكن ليس أساسياً.
فالدور الأساسي يعود إلى المضمون كونه يَجعَلُ من العمل الفَني بمثابة ظاهرة
مجتمعية تقومُ بدور معيَّن في الحياة المجتمعية. هذا من وجهة نظر التحليل
الأنتروبولوجي للأدب.
مسلسلات
"البيئة الشامية" التي تتحدث عن هذه البيئة في فترة الانتداب الفرنسي
والتي لاقت رواجاً جماهيرياً مهماً في العالم العربي، الملاحَظ فيها تركيزها
الكبير على: دونية المرأة في المجتمع، وعزلها داخل البيت ووراء الحجاب، وتصويرها
على أنها ليست أكثر من أداة للزواج والإنجاب، وعلى خطورة أي تقارب غير المشروع
بينها وبين الرجل؛ ووضع كل هذا في إطار ديني إسلامي.
في الجهة
المقابلة، نرى أن من أهم مظاهر الفكر الإسلامي الأصولي، والذي نَشَطَ منذ بداية
الثمانينات في العالمين العربي والإسلامي، ولا يزال في ازدياد؛ هو هذه القولبة
لوضع المرأة في المجتمع، وخاصة من خلال الحجاب. ومع وجود فارق ملحوظ، وهو أن هذا
الفكر الأصولي الحالي هو أكثر تقبّلاً لتدريس المرأة وعملها مما يوجد في تلك المسلسلات،
وهذا يعود إلى المفاهيم العامة التي كانت توجد في تلك المجتمعات في العالم العربي
عامةً في زمن الانتداب والتي كانت تقيّد كثيراً تدريس المرأة وعملها.
فيكون السبب
الأساسي في الرواج الجماهيري الذي لاقته هذه المسلسلات يعود إلى كونها تتناغم مع
الفكر الأصولي الإسلامي والذي كان قد ابتدأ في الترسخ داخل المجتمع السوري الإسلامي
كما داخل غيره من المجتمعات الإسلامية في العالم العربي. وبالطبع، دون أن ننكر
أهمية الإخراج والإنتاج الجيدين لهذه المسلسلات.
عامر سمعان، كاتب وباحث
30/ 4/ 2015
www.amersemaan.com