من القرارات التي كانت قد صدرت عن إحدى
المدارس العريقة في لبنان، "مدرسة الشويفات الدولية (SABIS)"،
قرارٌ يتضمن منع الشعارات الدينية في حرمها، كالصليب، ولكن في نفس الوقت يَسمح
بالفروض الدينية، كالحجاب.
في التقييم لهذا القرار؛ صحيح
أن الحجاب هو إحدى الفروض في الإسلام؛ لكن أية فريضة في أي دين عندما تكون جزءًا
من اللباس وظاهراً للعيان تصبح، إضافة إلى كونها فريضةً، شعاراً دينياً، أي رمزاً
دينياً يدلّ على الانتماء الديني عند مَن يرتديه وعلى التزامه الديني، بكل ما
للكلمة من معنى. القول إن الحجاب في الإسلام هو فقط فريضة وليس فريضةً وشعاراً
دينياً في نفس الوقت، هذا، أقل ما يوصف به أنه، استغباء للعقول وضحك على الذقون.
في المنطق التربوي العام، يحق
لأية مدرسة تهدف إلى التربية العلمانية أن تتبِع نهج منع الشعارات الدينية في
حرمها. لكن عندما يشملُ هذا المنعُ شعاراتٍ عند دين معيّن وفي نفس الوقت يتجنبُ
شعاراتٍ أخرى عند دين آخر ظاهرة للعيان تحت حجة أنها فروض دينية، فهذا منطق خاطئ
كلياً. وفي مقاييس الدستور والقوانين اللبنانية فإن هكذا إجراء هو تمييز طائفي
وإثارة للنعرات الطائفية وتعرّض للعيش المشترك، ويحق للدولة اللبنانية إلزام أية
مدرسة تتبِعه بالتوقف عنه.
من المؤسف أن يصدر ذلك القرار (حول منع
الشعارات الدينية والتي من ضمنها الصليب، والسماح بالفروض الدينية والتي من ضمنها
الحجاب) عن "مدرسة الشويفات الدولية" هذا الصرح التربوي العريق في لبنان؛
والتي تأسست في العام 1886 وحالياً عندها فروع في 15 دولة عربية وغير عربية. بالطبع،
من المستبعَد جداً أن يكون الدافع من صدوره هو التمييز الطائفي بين التلاميذ
المسيحيين والمسلمين، بل المرجَّح أنه مراعاة للأذواق الموجودة في الخليج العربي وغيره
من الدول العربية حيث يوجد لهذه المدرسة فروع.
ما كان قد أثار الضجة
الإعلامية حول هذا القرار، هو أن إدارة هذه المدرسة كانت قد مَنعَت التلاميذَ
الموارنة الذين يضعون إشارة الصليب في يوم "إثنين الرماد" في بداية
الصوم من دخول المدرسة في فرعها في فيع - الكورة قبل إزالته. ثم قامت لاحقاً
بالتعميم على أولياء التلاميذ مذكِرةً إياهم بمضمون هذا القرار.
يوم أمس بتاريخ 2/ 6 أثار الإعلامي
طوني خليفة هذا الموضوعَ في برنامجه "للنشر" عبر "تلفزيون الجديد".
المفاجأة كانت أن الإعلامية مريم البسّام، مديرة الأخبار والبرامج السياسية، في
هذا التلفزيون قامت بمداخلة دافعت فيها بشدة عن النهج العلماني عند "مدرسة
الشويفات الدولية" وانتقدت إثارة هذا الموضوع عبر الوسائل الإعلامية، من دون
أن يصدر عنها تنديدٌ واضح لذلك القرار ومطالبةٌ لهذه المدرسة بالتراجع عنه أو
بتعديله. فهذا الموقف، أقل ما يقال عنه، إنه معيب بحق هذه الإعلامية وبحق هذا
التلفزيون الذي كان دائماً يتحفنا بنهجه العلماني وبدفاعه عن العلمانية.
في السياق نفسه، أي إعلامي أو سياسي
أو مثقف أو رجل دين في لبنان كان قد تحدث أو كتب عبر الوسائل الإعلامية مدافِعاً أو مطالباً بالعيش
المشترك أو العلمانية أو الدولة المدنية أو إلغاء الطائفية السياسية أو الزواج
المدني، ثم صدر عنه موافقةٌ، صريحة أم ضمنية، حول هذا القرار؛ فيكون هذا الموقف بدوره
معيباً بحقه.
عامر سمعان ، باحث وكاتب
3/ 6/ 2014
تم إفادتي أن إحدى المدارس الخاصة المسيحية في الميناء - طرابلس قامت بمنع ارتداء الحجاب في حرمها ، هذا الموضوع سأقوم بمتابعته ونشر المعلومات الموثوقة عنه عند توفرها.
ردحذف