نجد عند قسم ملحوظ من الإعلاميين العاملين في التلفزيونات اللبنانية
والعربية سلوكاً بشعاً ويدلّ على قلة احترافية، وهو أنهم في المقابلات
والندوات التلفزيونية التي يجرونها يكونون فيها في وضعية الوقوف وضيوفهم في وضعية
الجلوس، أو يكونون جالسين على مقاعد أعلى ارتفاعاً من مقاعد ضيوفهم.
المقابلة الصحفية هي منبر
للحوار والديمقراطية؛ أي حيث المفترَض ألا يَفرُضَ الإعلاميُّ رأيَه على ضيوفه
وكذلك ألا يَفرُضَ الضيوفُ رأيهَم عليه. عندما تكون هذه المقابلة متلفزة،
المفترَض أن تعكس أجواؤها، أي الإخراجُ لها، هذا المنحى الحواري والديمقراطي؛ والذي
يتطلب في دلالته، أي رمزيته، أن تكون المقاعد متساوية في الشكل والحجم والارتفاع
بين الإعلامي وضيوفه.لأنه عندما يكون مقعد الإعلامي أكثر ارتفاعاً فهذا، في دلالته، يعني أنه أكثر قيمة من ضيوفه وأن رأيه في النهاية هو المهم. والمصيبة الكبرى عندما يكون الإعلامي واقفاً وضيوفه جلوساً، فيبدون كأنهم "الأستاذ والتلاميذ".
هؤلاء الضيوف، حتى ولو كانوا من كبار الباحثين والعلماء والمفكرين والكُتّاب، عادةً يكونون مضطرين للقبول بهكذا مقابلات أو ندوات تلفزيونية مهينة لهم لأنهم يكونون مضطرين لإيصال أفكارهم، أو الدفاع عن قضاياهم، أمام أكبر عدد من المشاهدين.
هذا الشكل من المقابلات والندوات التلفزيونية، أي التي يكون فيها الإعلامي في وضعية الوقوف وضيوفه جلوساً أو يكون مقعده أكثر ارتفاعاً من مقاعدهم، لا يدل فقط على قلة احترافية، عند هذا الإعلامي، بل أيضاً على نزعته الاستعلائية وغير الديمقراطية والتي يحاول فيها إظهار نفسه على أنه أكثر قيمةً من ضيوفه وأن رأيه أفضل من رأيهم.
عامر سمعان ، باحث وكاتب
www.amersemaan.com28/ 5/ 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق