ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الاثنين، 11 مارس 2024

سبت الأموات في المسيحية


سبت الأموات ، وأهمية الصلاة من أجل الراقدين 


من تعاليم كنيستنا الأرثوذكسية أن الصلاة الأحياء من اجل الراقدين تفيدهم كثيرا ، بل هي قادرة حتى على إنقاذ المتوفي الذي كان يحيا في الخطايا اثناء حياته الارضية من الجحيم،  في حال كان هناك صلاة كثيرة وحارة من اجل راحة نفسه من قبل الأحياء 


هذا الأمر قد يبدو غير منطقي وغير عادل ، لأن من ارتكب الخطايا في حياته الأرضية، من دون التوبة عنها،  يجب عليه دفع الثمن بعد وفاته ، والا لن يكون هناك عدالة الهية...


لكن في الواقع ، هذا الأمر يصبح منطقيا وعقلانيا وعادلا إلى أقصى الدرجات،  عندما يتم النظر اليه انطلاقا من حكمة الله ومحبته الفائقة للانسان ولخلاص نفسه ...


لأنه عندما تكون عند المؤمن، أثناء حياته الأرضية، القناعة بأن صلاة الأحياء له سوف تفيده ليس فقط في حياته بل ايضا بعد وفاته وانها من الممكن حتى أن تنقذه من الجحيم في حال كان قد توفي في حالة الخطيئة، فهذا الأمر سيساهم لأبعد الدرجات في مسيرته نحو انفتاحه على الآخرين  والمحبة والصلاة لهم والتواضع نحوهم والخدمة لهم ...


واذا ما اخذنا في الاعتبار أن محبة الانسان لأخيه الإنسان لا تقل أهمية عن المحبة التي له نحو الله ، في مسيرته الخلاصية ( "تحبُّ الربَّ إلهكَ من كل قلبكَ ومن كل نفسكَ ومن كل فكركَ، هذه هي الوصيةُ الأولى والعظمى، والثانيةُ مثلها، تحبُّ قريبَكَ كنفسكَ"، متى 22: 37 - 39 ) يصبح من الواضح أهمية هذه القناعة ، اي حول فاعلية الصلاة من أجل الراقدين وما يترتب عليها من سمو علاقات المحبة والاخوة نحو الآخرين، في هذه المسيرة  ...


اما حول السؤال عن المتوفي في حالة الخطيئة، والذي يتم إنقاذه من الجحيم بفضل الصلوات الكثيرة والحارة له من قبل الأحياء، كيف سيتم دفع ثمن خطاياه تحقيقا للعدالة الإلهية ؟ فالاصح والمنطقي، بالنظر لما تقدم ، ان يعتبر المؤمنون ان هذا الامر متروك لحكمة الله ( "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه، ما أبعد احكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء" رو 11 : 33 ) 


الروحانية في الكنيسة الأرثوذكسية تصل إلى مدى لا يمكن ادراك ابعاده،  ومن احدى نتائجها ،  سمو أخلاقي فائق عند المؤمن فيما يتعلق ببناء أفضل العلاقات مع غيره من البشر  ...

 والصلاة من اجل الراقدين ، سواء في أيام السبوت التي تسمى سبت الأموات أو حتى في اي وقت آخر ، المبنية على قناعة المؤمن بأن صلاته من اجل الأموات هي مفيدة لهم وفي نفس الوقت قناعته بان صلاة الأحياء له ستكون مفيدة له بعد وفاته ، هي ركيزة أساسية في هذه الروحانية ... 

عامر  سمعان