ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.
الاثنين، 27 نوفمبر 2023
الجمعة، 21 أبريل 2023
عيد الفصح
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية في عيد الفصح بقيامة الرب يسوع المسيح من الموت...
وفق المسيحية الأرثوذكسية ، المسيح هو الإله المتجسد، أي الإله الذي اتَّحد بالطبيعة البشرية.
أي الإله الموجود منذ الأزل، الذي قد حصل اتحاد بينه وبين يسوع - الإنسان المولود منذ ٢٠٢٣ عاماً، من العذراء، منذ لحظة الحبل به بالقدرة الإلهية من دون زرع رجل ...
وعندما نقول إنه قد تألم وصُلِب وتوفي، فليس المقصود بذلك أن الإله قد تألم وتوفي، لأن الإله لا يمكن أن يتألم ويموت، بل المقصود أن الإنسان البشري - يسوع هو الذي تألم وصُلِب وتوفي، ثم قام من الأموات...
أما لماذا لم ينزل المسيح عن الصليب ؟ ولماذا قَبِل بالإهانات والضرب والتعذيب والموت ؟
فالسبب لا يعود إلى أن الإنسان قد أخطأ بحق الإله، وأن هذه الخطيئة تتطلب أن يدفع أحدٌ الثمنَ عنها، فكانت إرادة الله أن يدفع يسوعُ المسيح الثمنَ عن هذه الخطيئة من خلال صلبه وموته وقيامته... فهذه الفكرة موجودة في المذاهب المنشقة عن الإيمان المسيحي الصحيح، أي في المذاهب #غير_الخلقدونية و الكاثوليكية والبروتستانتية . لكنها ليست موجودة في الأرثوذكسية.
تنظر الأرثوذكسية إلى مسألة الفداء، أي قبول المسيح بالصلب، على أنها من ضمن التدبير الإلهي لاستعادة الإنسان الساقط، ليعود مشاركاً في مجده الإلهي...
فالله لم يخلق البشرَ ليكونوا بمثابة العبيد له، فهذه الفكرة عن الإله المتسلط الذي يخلق الإنسان فقط ليكون عبده، هي موجودة في الإسلام واليهودية ...
بينما في المسيحية الأرثوذكسية، " الله_محبة " (1 يوحنا 4: 8) ، والذي يحبُّ الآخرَ ، لا يكون متسلطاً عليه، بل يجعله مشاركاً له ... فالله خلق البشر لكي يكون مشاركين في مجده الإلهي ("أنتم شركاءُ الطبيعة الإلهية"، 2 بطرس 1: 4)، أي يصبحوا متألهين بالنعمة غير المخلوقة، هذا في حال قد نجحوا في السَير في طريق القداسة، التي هي طريق المحبة والتواضع نحو باقي البشر، أي التقدس بالنعمة الإلهية التي يتم الحصول عليها من خلال الاشتراك بالأسرار الكنسية، أي المعمودية والميرون والمناولة وغيره...
وهنا نصل إلى السؤال عن لماذا لم ينزل المسيح عن الصليب ؟
الجواب هو أنه لو نزل المسيح عن الصليب، لكان كل البشر قد خضعوا له بفعل الاندهاش والخوف من قوته الخارقة التي قد تغلبت على الجيش الروماني والإمبراطورية الرومانية (أي القوة العظمى العالمية في ذلك الوقت) ولكان المسيح قد أصبح إمبراطوراً تخضع له كل الممالك والشعوب في العالم...
ولكان المسيح قد أوصل فكرة خاطئة عن القداسة، فكرة تجعل من القداسة مرتبطة بالحصول على المجد الدنيوي الذي يقوم على تسلط الفرد وتفرده وتفوقه وخضوع الجميع له... بينما القداسة هي عكس ذلك تماماً، لأنها طريق المحبة والتواضع اللانهائية نحو جميع البشر (المسيحيين وغيرهم)...
هذا هو أحد الأجوبة عن سؤال لماذا لم ينزل المسيح عن الصليب ؟ وهو في نفس الوقت الجواب عن السؤال لماذا لم يظهر المسيح لأعدائه بعد قيامته ؟ لأنه لو ظهر لهم لكانوا قد خضعوا له، وأصبح ذلك الإمبراطور العالمي الدنيوي ("مملكتي ليست من هذا العالم"، يوحنا 18: 36)...
ويوجد أيضاً أبعادٌ ومعانٍ أخرى لمسألة الفداء، وفق الأرثوذكسية، لا يتسع المجال هنا للتطرق إليها...
وأخيراً، حول قيامة المسيح من الموت ، أي عودة الحياة ليسوع - الإنسان - البشري، فهي الدليل على القدرات الإلهية غير المحدودة واللانهائية، أي التأله، التي سيحصل عليها المؤمنون في حال قد نجحوا في السَير في طريق القداسة، أي طريق التواضع والمحبة اللانهائية لجميع البشر... هذه القدرات التي تكون بدايتها في هذه الحياة ("ملكوت الله في داخلكم"، لوقا 17: 21) وتستكمل في الحياة الأخرى في القيامة العامة ("حينئذ يضيء الأبرارُ كالشمس في ملكوت أبيهم"، متى 13: 43).
عامر سمعان