ما يتضمنه كتابي "حول الأزمة اللبنانية ونهاية الزعامة العالمية للولايات المتحدة" دراسات معمقة وغير مسبوقة في السياسة والإستراتيجيا والتنمية والسوسيولوجيا؛ من بينها: أربع نظريات جديدة في الأنتروبولوجيا المجتمعية، وخطة لحلّ الأزمة في لبنان، وإستراتيجيا تعتمد وسائل المحاربة الإعلامية والسياسية والاقتصادية لهزيمة الولايات المتحدة وإنهاء زعامتها العالمية، والتي سيكون من نتائجها الاستقرار الأمني والنمو الاقتصادي والتطور في العالم العربي ومعظم دول الجنوب.

الأربعاء، 10 أغسطس 2016

لماذا النساء يَبكِينَ أكثر من الرجال ؟


     في أي مجتمع في العالم، يمكن بسهولة ملاحظة أن النساء هن مَن يَحمِينَ ويَلتزمنَ، أكثر من الرجال، بكل ما له علاقة بالعادات والتقاليد والأعراف...
     مثلاً، في المجال الدِيني، النساء هن الأكثر التزاماً بالصلوات والأصوام والذهاب إلى دور العبادة. فبمجرد الدخول إلى أية كنيسة حتى يمكن بسهولة ملاحظة كيف يفوق عددُ النساء عددَ الرجال فيها؛ وبمجرد الدخول إلى أي مجتمع مسلم يمكن بسهولة ملاحظة كيف يفوق عددُ النساء اللواتي يلتزمن بالحجاب أو النقاب عددَ الرجال الذين يلتزمون باللباس المحتشم...
     كذلك الأمر في مجال عادات الأفراح، كمثل الأعراس، فالنساء هن مَن يتزيَنَّ أكثر من الرجال، ومَن ينسجمنَ في الرقص والغناء والزغاريد وإطلاق عبارات التعبير عن الفرح والإعجاب بما يجري والتمنيات بالتوفيق وغيره أكثر من الرجال...
    والأمر هو نفسه في مجال عادات الأحزان، كمثل الجنازات، فالنساء هن مَن يلتزمنَ أكثر من الرجال في ارتداء لباس الحداد والالتزام بباقي موجباته وفي البكاء والتفجّع على الميت وإطلاق عبارات التعبير عن الحزن والأسف واليأس وغيره...
     بالتالي، يصح القول إنه في أي مجتمع، النساء هن القاعدة الأساسية التي تقوم عليها العادات والتقاليد والأعراف، أي المستودع الأساسي للعاطفة الجماعية... واعتماداً، يصبحن هن مَن يذرفن الدموعَ ويظهرن مختلفَ العواطف، المفرحة والحزينة، أكثر من الرجال، سواء أكن منخرطات في نشاطات اجتماعية أم فردية...
     فالسبب في كون النساء يَبكِينَ أكثر من الرجال، لا يعود إلى الحالة النفسانية لديهن التي تجعلهن أكثر عاطفة، كما يحاول علماء النفس القول؛ وأيضاً لا يعود إلى تركيبة فسيولوجية لديهن تجعلهن أكثر عاطفة، كما يحاول بعض علماء الفسيولوجيا القول... بل يعود إلى تركيبة (بُنيَة) مجتمعية موجودة في جميع المجتمعات عبر التاريخ تجعل منهن القاعدة الأساسية التي تقوم عليها العادات والتقاليد والأعراف، أي المستودع الأساسي للعاطفة الجماعية... فالتركيبة المجتمعية (من وجهة النظر السوسيولوجية) هي التي تقولب الحالة النفسانية (وحتى الحالة الفكرية) لمعظم أفراد المجتمع وتجعلهم أكثر أو أقل عاطفة أو متجهين في تفكيرهم إلى هذه الناحية أو تلك وما سوى ذلك…


عامر سمعان ، باحث وكاتب
10/ 8/ 2016